swiss replica watches
الدولة الغافلة … و المالية المغفلة !! – سياسي

الدولة الغافلة … و المالية المغفلة !!

الدولة الغافلة … و المالية المغفلة !!

 

بقلم الدكتور سدي علي ماءالعينين ، اكادير ،نونبر،2024.

إن دولة عريقة مثل المغرب لا يجب ان تدبر امور الدولة بالقوانين العتيقة ، لان عراقة الدولة في تراكمها ومراكمتها للتشريعات التي تواكب كل مرحلة و تتطور بناء عليها وتتقوى.

مغرب ما قبل نصف قرن ليس هو مغرب اليوم بكل تأكيد ،قد نكون فوتنا على بلادنا الكثير من المكاسب بسبب تعطل عجلة الديموقراطية و تأثير ذلك على المناخ الاقتصادي و فرص الاستثمار و انعكاسات ذلك على الوضع الاجتماعي .

خلال العشرين سنة الاخيرة ظهرت بالبلاد مهن جديدة مرتبطة إما بالتطور التكنولوجي او بإنتعاشة القطاع الخدماتي و الدينامية المجتمعية المنفتحة على العالم .

مهن تغطي حاجيات الساكنة لكنها تعمل خارج القوانين ، و هو ما يجعلها ضمن عوامل الاقتصاد الغير مهيكل الذي يزرع الهشاسة بالمجتمع و يجعل الاكتفاء و الوفرة و الاستقرار كلها امورا ضرفية لا ترتكز على مقومات البناء رغم سدها للخصاص .

قد يكون اكبر تفسير للدولة على ارضية المؤسسات هو ان يتحقق في علاقة المواطن بالدولة شرط تلازم الحقوق مع الواجبات ، و تبقى اولى واجبات المواطن هي اداء الضرائب .

إن الضرائب ببلادنا حبر على ورق ، و هناك اجماع على غياب العدالة الضريبية و تفشي ظاهرة التهرب الضريبي ،و غياب القوانين المنظمة للتحصيل الضريبي للعديد من المهن المزاولة بالمحتمع و بتراب الجماعات .

الدولة فطنت في المجال العقاري الى المضاربات الحاصلة في الاراضي و البقع والتجزئات ، فقامت بفرض ضريبة الاراضي غير المبنية .

لكنها في المقابل تدرك حجم المحلات التجارية سواء القانونية او غير القانونية التي تترنح بين محلات مغلقة و اخرى مفتوحة لمزاولة مهن بغير عقد كراء و لا ترخيص مزاولة مهنة ،لعدم وجود قانون منظم من الاساس .

وهذا في نظري يستوجب سن ضريبة المحلات المغلقة و المحلات المفتوحة بدون ترخيص.

كل المدن المغربية تعج بمواطنين يمارسون مهنا على قارعة الطريق او بمحلات تجارية اما في ملكية صاحبها او مأجورة ،

يمكنك ان تمشي في ممر طويل بحي من احياء المدينة فتجد ميكانيكيا و بالقرب منه بائع دجاج ،و بالقرب منه اما يمينا او يسارا ، بائع الخبز يعده بالمحل ، ثم في الجهة المقابلة خراز و نجار و مصور و بائع “لافيراي” القادم من الخارج ،و غير بعيد محل متخصص في بيع السمك الحي و بالقرب منه مقهى لطهي السمك و بالقرب من الجزار محل للشواء ، و محل لاصلاح الهواتف و آخر لبيع منتجات الصيد و القنص ،و محل لسداد فواتير الماء و الكهرباء و محل لبيع الخضر و الفواكه ، ومحل لبيع اللبن و مشتقات الحليب و اكلة “صيكوك” ، ومحل لبيع الطيور و لوازمها و اكلات القطط والكلاب ….

هل تدري عزيزي القارئ ان كل هذه المحلات غير محكومة باي قانون ،وان هذه المهن غير مرخصة ،وان هذه المحلات توفر مناصب شغل ولكن لا تسدد الضرائب و لا تنظم عمالها في قانون التغطية الصحية ولا نظام التقاعد …

بكل بساطة… المواطن وهو يستيقض باكرا و يتجه الى المتجر القريب من المنزل ، يجد فيه كل حاجياته اليومية التي تأتيه بشكل يومي ومنظم عبر شاحنات التوزيع ،

ويقف ليستقل حافلة او سيارة اجرة فيجدها في نقط معينة و بمواعيد منظمة و تسعيرة قارة …

هذه هي الدولة ، تلك التي توفر لك هذه الامور التي تبدو من البديهيات . اقلها ان تمشي بامان في الشارع …

لكن انت كمواطن و كمستهلك وكمروج عبر عملك لقطاع و لمجال ، السؤال : هل تسدد للدولة ضرائب قد تزيد من مدخول الميزانية ؟

عندما تمنح اموالك للدولة و تحسن التصويت على من يدبرها فمؤكد ستجدها تصرف على الصحة و التعليم و الامن و العدل و الخدمات ،

لكنك عندما تروجها في السوق بدون سداد واجباتك الضريبية ،فانت تضع اموالك في جيوب التجار و الوسطاء، فيبنون عماراتهم و فيلاتهم و يعيشون عيشة الرفاهية .

وعندما تسدد الضرائب ولا تحسن اختيار من يديرها سيحدث نفس الشيئ عبر سرقة اموال الدولة .

هناك من يتوهم ان المس بالقطاع الغير مهيكل بغرض هيكلته سيكون خطرا محدقا على البلاد و العباد ،لانه يعني مس القدرة الشرائية للمواطنين و اثقال كاهلهم بالضرائب ، و كل هذا يهدد بانتفاضات شعبية …

وهذا والله كلام يردده الاقطاعيون و الفاسدون و الوسطاء و المضاربون الذين يرون في المواطن لقمة صائغة ما دام المواطن لا تربطه التزامات مع الدولة .

ملايين من المغاربة يخرجون كل صباح يعملون و يتقاضون اجورا ،لكن كل ذلك بلا قوانين ولا تشريعات ولا عقود ولا التزامات و لا حقوق ولا واجبات ولا استقرار ولا ضمانات ،

انه يغزون الشوارع و المحلات و احيانا يحولون المقاهي الى مكاتب للبيع والشراء بلا دولة ولا مؤسسات …

هؤلاء يحتاجون الى التعليم و العدل و الصحة و الامن و الى الخدمات ،لكنهم لا يقدمون ولو فلسا واحدا للدولة ،بل على العكس يساهمون بشكل كبير في تضخم السيولة و ضعف المعاملات البنكية و انتشار “الكاش ” الذي يثقل كاهل الاقتصاد .

اذا لم يقرر المغاربة ان يهيكلوا مهنهم وحرفهم و مصدر لقمة عيشهم ،فإن البلاد ستتطور من حولهم و ستكثر فرص الشغل ،لكنهم لن يحسوا بالانتماء اليها ولن يكونوا عاملين فيها بل مجرد خدم و عبيد يعيشون على هامش الدولة و لا يجنون من التنمية الا القشور .

الاقتصاد غير المهيكل غول يجب ان ينتهي كي ننطلق في التنمية الحقيقية و في بناء الدولة الحقيقية دولة الحقوق و الواجبات قبل ان تكون دولة العراقة و التاريخ و المؤسسات.

فهل تعتبرون ؟

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*