تواصل تدهور المستوى المعيشي للمغاربة!
تواصل تدهور المستوى المعيشي للمغاربة!
خلال جلسة المساءلة الشهرية حول السياسة العامة التي انعقدت في 4 نونبر 2024 بمجلس النواب طبقا لأحكام الفقرة الثالثة من الفصل 100 من الدستور ومقتضيات النظام الداخلي، اعتبر رئيس الحكومة عزيز أخنوش أن المغرب استطاع بفضل التوجيهات الملكية السامية تحقيق مكاسب مهمة في المجالات الاقتصادية والاجتماعية، مما أهله ليكون نموذجا رائدا في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا رغم كل الظروف الصعبة.
حيث قال إن: “المغرب يعيش ثورة اقتصادية واجتماعية تحت قيادة الملك محمد السادس، مما مكنه من أن يصبح ورشا اقتصاديا وتجاريا على المستوى الإقليمي”
فعلى غرار من سبقوه إلى منصب رئاسة الحكومة، تحدث عزيز أخنوش بكثير من الاعتزاز بالنفس عن إنجازات غير مسبوقة، مدعيا أن حكومته منذ تنصيبها تتعاطى بوعي تام مع كل الصعوبات والآثار الوخيمة للأزمة الاقتصادية العالمية.
وأنها ظلت محافظة على أكبر عدد من مناصب الشغل وحريصة على ضمان صمود المقاولات في وجه التقلبات.
وأن المغرب فضلا عن تعزيز مكانته في القطاعات الاستراتيجية، والدفع بالاقتصاد الوطني نحو تحقيق الريادة القارية والدولية في عديد الصناعات الحديثة، أصبح منصة حقيقية للتبادل التجاري، خاصة أن الصادرات المغربية تسير في منحى تصاعدي، مسجلا أن سنة 2023 كانت سنة استثنائية بالنسبة لقطاع السيارات، وما إلى ذلك من تفاخر بالإنجازات.
بيد أنه في المقابل لم يحدثنا في معرض تفاعله مع الأسئلة الشفهية حول موضوع “محورية قطاع التجارة الخارجية في تطور الاقتصاد الوطني” عن مدى أثر ذلك على المستوى المعيشي للمواطن، الذي تدهور كثيرا بسبب تفاحش الغلاء وارتفاع نسبة البطالة، وخاصة في أوساط ذوي الشهادات العليا من الشباب المغاربة، مما يؤكد أن خطاب الحكومة ورئيسها يفتقر إلى الموضوعية والاتزان المطلوب، كما أنه يتصف بنوع من الانفصام عن الواقع ولا يكترث بأهم القضايا والهموم التي تشغل بال المواطنين.
فهل نسي رئيس الحكومة أن أرقام المندوبية السامية للتخطيط في عهد المندوب السامي السابق أحمد الحليمي علمي، أشارت في وقت سابق إلى ارتفاع عدد المغاربة الذين انضموا إلى لائحة الفقر والهشاشة بثلاثة ملايين و200 ألف شخص إضافي، ما يمثل فقدان سبع سنوات من التقدم المحرز في جهود القضاء على الفقر والهشاشة، وأنها نشرت في 16 يوليوز 2024 مذكرة إخبارية حول نتائج بحث الظرفية لدى الأسر، تفيد بأن 56,5 في المائة منها صرحت بتدهور وضعيتها المالية خلال 12 شهرا الماضية.
وأن أول تقرير لذات المندوبية في عهد المندوب السامي الجديد ووزير التربية الوطنية السابق شكيب بنموسى حول وضعية سوق الشغل، سجل ارتفاع البطالة ب”58″ ألف شخص، خلال الفصل الثالث من سنة 2024، إثر ارتفاعه ب”42″ ألف شخص في الوسط الحضري و”16″ ألف شخص في الوسط القروي، ليبلغ عدد العاطلين 000.683.1 شخص على المستوى الوطني، مسجلا ارتفاعا بنسبة 4 في المائة مقارنة مع نفس الفترة من السنة الماضية، لينتقل معدل البطالة من 13,5 إلى 13,6 في المائة؟
ويشار في هذا السياق إلى أن المغرب عرف خلال النسخة الأولى من حكومة أخنوش وفي ظل التحديات الاقتصادية العالمية والمحلية، عدة أحداث اقتصادية عالمية منها ارتفاع أسعار الطاقة والغذاء الناجم عن الحرب الروسية الأوكرانية، وتداعيات جائحة كورونا إلى جانب توالي سنوات الجفاف وضعف المحصول الزراعي، لتتضافر كل هذه العوامل وتزيد من حدة التضخم، جراء الارتفاع القياسي المستمر لأسعار المحروقات وانعكاسها على باقي المواد الغذائية الأساسية، التي تشكل الجزء الأكبر من استهلاك الأسر المغربية. حيث انعكست موجة التضخم على القدرة الشرائية للمواطنين، خاصة ذوي الدخل المحدود، مما ساهم في تنامي الاحتجاجات وتعالي الأصوات المطالبة بضرورة تدخل الحكومة من أجل ابتكار حلول ناجعة للتخفيف من وطأة الغلاء على الطبقات الفقيرة والمتوسطة، دون طائل.
فمن بين ما يؤكد فشل حكومة أنها خضعت بعد انصرام ثلاث سنوات من ولايتها، لتعديل حكومي موسع في 23 أكتوبر 2024 هم دخول 14 وزيرا ووزيرا منتدبا وكاتبا للدولة، خاصة أنه اتضح حتى لأكبر المتفائلين عدم قدرتها على الاستجابة لانتظارات المغاربة وتحقيق ما قطعته على نفسها من وعود وتعهدت به من التزامات، حيث الأوضاع الاجتماعية في ترد مستمر ومنسوب الاحتقان الاجتماعي في ارتفاع متواصل بعدة قطاعات كالتعليم والصحة والفلاحة وصغار الموظفين وغيرهم بسبب سوء التدبير والغلاء وتزايد معدلات الفقر والبطالة والهدر المدرسي وتفاحش الفساد.
إن أخنوش وغيره من المسؤولين الحكوميين وبالرغم من الدعم الاجتماعي المباشر وبعض الإجراءات الأخرى، لا يمكن لهم إخفاء حقيقة الوضع المعيشي المتدهور للسواد الأعظم من المغاربة، وأن تطور التجارة الخارجية لم ينعكس بالإيجاب عليهم، في ظل استمرار التهاب الأسعار وارتفاع تكاليف المعيشة، انعدام فرص الشغل وهزالة الأجور والمعاشات، ثم ما جدوى استيراد الأبقار والأغنام وأثمنة اللحوم تتجاوز المائة وعشرين درهما؟ وكيف يمكن تفسير ارتفاع ثمن زيت الزيتون، واللجوء إلى استيرادها هي كذلك مع مواد أخرى، كان المغرب إلى قت قريب يصدرها؟
اسماعيل الحلوتي