نظام العسكر يحول دون تحقيق حلم الدولة المدنية في الجزائر
نظام العسكر يحول دون تحقيق حلم الدولة المدنية في الجزائر
مقال من تدوين الناشط المدني: رشيد الأطراسي
منذ نهاية مايو 2012 وحتى يونيو 2024، لا تزال المشاورات السياسية في الجزائر مستمرة حول الإصلاحات الدستورية، حيث شهدت المرحلة الأولى مشاركة نحو 150 طرفًا مدنيًا وسياسيًا وشخصيات وطنية.
غير أن مشاورات يونيو 2014، و2024 حول تعديل الدستور المقترح، شهدت نهاية مشوار القوى السياسية المعارضة.
فقد تم وصف التعديلات بأنها سطحية، ولا تمتد إلى تغيير النظام العسكري الحاكم في الجزائر نحو دولة مدنية ديمقراطية.
إصلاحات دستورية: الموقف بين المؤيدين والمعارضين
المؤيدون لمسودة التعديلات الدستورية يعتبرونها مخرجًا للأزمة السياسية، ويعتقدون أنها تمثل خطوة نحو استعادة محتوى دستور 1996 الذي كان قد حدد مدة الرئاسة في ولايتين، قبل أن يغير الرئيس السابق ذلك ليواصل فترات حكمه المتتالية.
ويرون في التعديلات فرصة لتحفيز الاقتصاد الوطني من خلال مراجعة قوانين الاستثمار وتعزيز الرقابة البرلمانية على ميادين كانت خارج دائرة المراقبة.
في المقابل، يرى المعارضون أن هذه التعديلات ليست سوى مساحيق تجميلية تهدف إلى ذر الرماد في العيون.
ويشددون على أن الأمر يتطلب صياغة دستور جديد، يرتقي بالجزائر إلى دولة مدنية حقيقية مستقلة عن هيمنة الجيش، الذي ظل الحاكم الفعلي للبلاد منذ الاستقلال، رغم فترات حكم أحمد بنبلة، الشاذلي بنجديد، بوتفليقة، وتبون.
الجزائر: بين دولة الفساد المالي ودولة العسكر
من ناحية أخرى، أظهرت دراسات بنيوية اقتصادية أعدها خبراء جزائريون، أن تراجع عائدات المحروقات، التي تشكل نحو 95% من مداخيل الميزانية العامة، يمثل تهديدًا خطيرًا للاقتصاد الوطني.
ومع تنامي الوعي الشعبي في الجزائر ضد نظام العسكر، ورفض مشاريع مثل استغلال الغاز الصخري لتعزيز صادرات الطاقة، بات من الواضح أنه لا بد من مراجعة شاملة لميزانية الدولة عبر إصلاحات هيكلية عميقة.
إحدى أبرز القضايا التي تعكس الفساد المستشري في البلاد هي قضية الطريق السيار، التي بدأت التحقيقات حولها منذ عام 2009، حيث تبين وجود تلاعب في مشروع كان تقديره 6 مليارات دولار، ليصل إلى 13 مليارًا. كما تم الكشف عن شبكة فساد دولية تضم مسؤولين جزائريين في قطاع الطاقة وشركة “سوناطراك”، الذين تلقوا رشاوي من شركات أجنبية للحصول على صفقات.
الأزمة الاقتصادية وغياب التخطيط المستدام
على الرغم من السنوات التي شهدت ارتفاعًا في عائدات الطاقة، والتي مكنت الجزائر من التخلص من المديونية، إلا أن الحكومة فشلت في وضع استراتيجيات طويلة الأمد لتقلبات أسعار النفط، ولم تنجح في تأسيس صندوق احتياطي يمكنها من مواجهة هذه الأزمات.
كما لم تضع سياسة فعالة لتنويع الاقتصاد وجذب استثمارات خارج قطاع المحروقات.
أزمة المعارضة السياسية وسقوط حكم العسكر
من جهة أخرى، كان من المتوقع أن تستفيد المعارضة السياسية من إخفاقات الحكومة الجزائرية، خاصة مع فشل الرئيس تبون في تحقيق وعوده، والصراع الداخلي بين أجنحة النظام العسكري، خاصة جناح الجنرال المتقاعد شنقريحة، الذي ظل متحكمًا في مفاصل الحكم. إلا أن المعارضة الجزائرية لم تتمكن من توحيد صفوفها لمواجهة هذه الإخفاقات، وذلك بسبب تراجع بنية النظام السياسي، الذي يعارض أي تحول نحو الديمقراطية الحقيقية.
وقد ساهم التراجع في حقوق المعارضة السياسية منذ إقرار دستور 1989، إلى جانب التدخل المستمر للجيش في الشؤون السياسية، في إضعاف الحركة السياسية في البلاد.
كما أن ضعف المشاركة في الانتخابات، وعدم الاهتمام الكافي بالتثقيف السياسي من خلال مؤسسات التنشئة الاجتماعية والإعلام، يعكس حالة الجمود التي تشهدها الحياة السياسية في الجزائر.
الخلاصة
نظام العسكر في الجزائر لا يزال يشكل حجر عثرة أمام تحقيق حلم الدولة المدنية الديمقراطية.
إن الإصلاحات الدستورية المقترحة، رغم أنها قد تقدم بعض التحسينات السطحية، إلا أنها لا تمثل تغييرًا جذريًا في هيكل الحكم القائم.
أمام الجزائر تحديات كبيرة تتمثل في محاربة الفساد، الإصلاحات الاقتصادية الهيكلية، وإيجاد حل سياسي يعيد للمعارضة دورها الفاعل في بناء الدولة المدنية.
كما أن الشعوب تتوق للحرية وصنع انظمتها المدنية التي تصنع مستقبلها بقيم العدل والحداثة وفصل السلط وربط المسؤولية بالمحاسبة ، وليس بترك أمثال المعتوه شنقريحة الذي يعيث في البلاد فسادا منذ توليه مقاليد الجيش الجزائري لأزيد من 40 سنة، هو حكم عسكري جاثم على صدور الشعب الجزائري، ومستمر دون أدنى افق للتنمية.
ولكن المستقبل ينافح شباب وأبناء المستقبل الجزائري لضمان التغيير الديموقراطي الحداثي بدولة مدنية جديدة تستنفر كل ابناءها سواء بالداخل والخارج لأجل وطن يستحق الجميع بدولة الجزائر .