احتجاج رجاوي حضاري!
احتجاج رجاوي حضاري!
في سابقة تعد هي الأولى من نوعها في عالم كرة القدم بالمغرب، الذي أبان عن مقدرات عالية في تنظيم التظاهرات الرياضة خلال الأعوام الأخيرة، اختار الجمهور الرياضي العريض الذي حج بكثافة مساء يوم الخميس 19 دجنبر 2024 إلى ملعب “العربي الزاولي” بمدينة الدار البيضاء، لحضور اللقاء المؤجل عن الدورة 13 من البطولة الاحترافية، الذي جمع ناديه الرجاء البيضاوي بنادي اتحاد تواركة، الاحتجاج بشكل سلمي وحضاري، من خلال مغادرة الملعب بشكل جماعي وهادئ، للتعبير عن امتعاضهم وعدم رضاهم عن تراجع أداء الفريق خلال الموسم الرياضي الجاري وتواضع مستوى لاعبيه، رافعين لافتة تنتقد بشدة رئيس الفريق عادل هلا.
فما لم يستسغه الكثيرون وأثار استغرابهم سواء من أنصار الفريق أو من مشجعي باقي الفرق الرياضية الأخرى، هو أن نادي الرجاء الرياضي البيضاوي الذي حقق ازدواجية تاريخية عقب فوزه على فريق الجيش الملكي في نهائي كأس العرش، محققا بذلك ثاني ألقابه في الموسم الفارط بجانب درع البطولة الاحترافية، بمجرد إنهاء ارتباطه وديا بمدربه الألماني “جوزيف زينباور” الذي قاده في الموسم الماضي للتتويج باللقبين السالفي الذكر، أصبح منذ مطلع الموسم الرياضي الحالي يتخبط في أوحال النتائج السلبية على الصعيدين المحلي والقاري. إذ طالما بدت عناصره مفككة وغير متماسكة وعاجزة أحيانا عن مجاراة عناصر الفرق المنافسة، كما حدث مع فريق اتحاد تواركة خلال الشوط الأول من المباراة المؤجلة، الذي انتهى بتقدم “التوركيين” بحصة (1/0)، وهو ما فجر غضب مناصري الفريق ودفع بهم إلى الانسحاب، تعبيرا عن سخطهم وغضبهم، مطالبين برحيل رئيس النادي والمكتب المسير والطاقم التقني وخاصة المدرب البرتغالي “ريكاردو سابينتو”.
كيف لا ينتاب الجمهور الرجاوي الشعور بالتذمر وجل المتابعين لكرة القدم الوطنية والقارية يتفقون على تراجع مستوى الفريق واللاعبين خلال هذا الموسم بشكل لافت ومريب، مباشرة بعد ذهاب المدرب الألماني وتعويضه بالمدرب البوسني “روسمير زفيكو” الذي لم يتوفق في قيادة الفريق إلى الانتصار في البطولة الاحترافية، حيث انهزم في مقابلتين متتاليتين أمام كل من نهضة بركان (1/0) واتحاد طنجة (3/1)، بينما قاده إلى التواجد في دور مجموعات دوري أبطال إفريقيا؟ وهكذا وجدت إدارة النادي نفسها مضطرة إلى تكليف اللاعبين السابقين هشام أبو شروان وعبد الكريم الجيناني إلى قيادة الفريق، إلى حين التعاقد مع المدرب البرتغالي الذي أبان هو الآخر عن ضعف كبير في أفكاره وخططه، وفشل في تقديم مردود تقني وتكتيتكي، يساهم في الرفع من أداء اللاعبين داخل رقعة الملعب، مما أدى إلى استمرار تراجع النادي وتواضع نتائجه في البطولة الاحترافية وفي دوري أبطال إفريقيا على حد سواء. إذ لا يعقل أن يحتل الفائز بدرع البطولة في الموسم الماضي الرتبة 7 في سبورة الترتيب ب”20″ نقطة مع مباراة ناقصة، والمرتبة الأخيرة في دوري أبطال إفريقيا بنقطة واحدة بعد تعادل واحد وخسارتين.
فالمدرب “ريكاردو سابينتو” أخفق في رد نادي الرجاء الرياضي البيضاوي إلى سكة الانتصارات، حيث أنه ومنذ التحاقه في 10 أكتوبر 2024 بالفريق خلفا للمدرب السابق البوسني “روسمير زفيكو”، لم يستطع تقديم الإضافة المرجوة إن على مستوى البطولة الاحترافية في قسمها الأول، أو على مستوى عصبة الأبطال الإفريقية، إذ حقق انتصارين فقط في البطولة الاحترافية أمام كل من حسنية أكادير (3/1) والاتحاد التوركي (2/1) وانهزم في ثلاث مباريات وتعادل في خمس أخرى، مما دفع بالمكتب المسير إلى التفكير تحت ضغط الجمهور في فك الارتباط معه بالتراضي في ظل توفر العقد على شرط جزائي يقدر بحوالي 500 مليون سنتيم، مباشرة بعد العودة من جنوب إفريقيا بعد الهزيمة (1/0) أمام ماميلودي صان داونز…
إن انسحاب الآلاف من أنصار نادي الرجاء الرياضي البيضاوي بشكل سلمي من ملعب العربي الزاولي مساء يوم الخميس 19 دجنبر 2024 خلال بداية الشوط الثاني من المباراة المؤجلة ضمن الدورة 13 أمام نادي اتحاد تواركة، احتجاجا على ما ألت إليه أوضاع فريقهم من ترد صارخ على مستوى النتائج المخيبة للآمال، يؤكد بأننا أحوج ما نكون إلى مثل هذا السلوك في التعبير عن السخط وعدم الرضا، دون اللجوء إلى تلك التصرفات الطائشة المتسمة بالعنف وتخريب الممتلكات العامة والخاصة والاعتداءات الشخصية، ويدعو إلى تضافر جهود الجميع في اتجاه تكريس روح المواطنة الصادقة والحس بالمسؤولية، من خلال تأطير الجماهير الرياضية، بما يخدم مصلحة الرياضة ويساهم في تلميع صورة المغرب.
اسماعيل الحلوتي