علماء و مثقفي تزويج القاصرات و تشريد الأطفال
إدريس الأندلسي
فضح بيان المجلس العلمي الأعلى، و بلاغات الحكومة ،و الجمعيات الحقوقية النسائية و الرجالية، و كل من يواجه التخلف الفكري و الإنساني عموما، من سمحوا لأنفسهم إخراج طفلة من سلك التعليم في سن مبكرة و تزويجها لرجل بالغ و ربما لكهل أو شيخ ” يريد الرجوع إلى صباه”.
أحمد ألله أن مشروعا إصلاحيا مجتمعيا و شرعيا عراهم و ازاح الستار على نفاقهم.
ظهر جند بفكر قديم و موغل في تقديس عادات إجتماعية جاوزت الألف سنة لكي يكرروا ما قاله بشر قبل قرون.
ظهر “شيخ” بعمامة و لحية طويلة، و ظهرت شيخات بدون حجاب، و شحذ بعض ” الحمقى و المغفلين ” ألسنتهم ” الباغية للهجوم على أكثر من نصف المجتمع.
كلهم و كلهن يكرروا أن ديننا يكرم المرأة و يتشدقون بكل ما قاله غيرهم ممن لا زالوا يفكرون بأسلوب القبيلة التي نمت و كبرت في صحراء بين البحر الأحمر الخليج العربي الفارسي.
فرحت نساء المغرب بما أتفق عليه العلماء المنفتحون على الحياة و المستقبل، و عبروا عن رغبتهن في تجاوز مرحلة سجلت كل أشكال الظلم ضد فتاة قاصرة و طبيبة استاذة و معلمة و قاضية و عالمة في الفيزياء و وزيرة و مديرة لمؤسسة إنتاجية…
و انتفخت اوداج بعض الذكور و تعالت قهقهتاهم و استهزاءهم بكل طموح يهدف خلق أسرة في ظل التوازن و الإحترام و ضمان العيش الكريم و المشترك في وطن حر و ذو طموح كبير يستهدف بلوغ أعلى درجات الرقي و التنمية و الصعود الإقتصادي . خرج الماضويون قبل عقدين من الزمن لبناء خندق جديد بين واقع جديد و ماض تولى.
قال الشيخ أن عدم تزويج القاصرات ينافي ” شرعهم” و يحكم على الفتاة بالعنوسة. و كم من شيخ يريد أن تستسلم لنزواته العانسات .
و الحق أننا في مجتمع قررت بعض نساءه رفض مؤسسة الزواج. و هذا إختيار ضد خلق واقع يثقل المرأة بالواجبات و يترك للذكر حرية العبث بالمجتمع. و قال بعض من يحسبون أنفسهم علماء و عالمات و حتى بعض تجار التواصل الإجتماعي أن مستقبل الزواج و تكوين في خطر.
نسوا أن الخطر الحقيقي هو الحكم على القاصرات بمغادرة المدرسة ، و الحكم عل اليافعين بثقل تكوين أسرة و هم لا يملكون مهنة و لا دخلا و لا وعيا بدور الزوج و الأب و المسؤولية بصفة عامة. تراجع مؤسسة الزواج بدأ منذ عقود و حالات الطلاق تسجل أرقام قياسية بسبب تدهور مستوى التربية و التعليم و ومستويات الدخل و تفاقم البطالة و تراجع قيم المسؤولية إتجاه الأسرة. المقتضيات القانونية سوف تأتي لإصلاح الأعطاب و حماية الأطفال من التشرد.
ظهر بالملموس أن بعض أشباه المثقفين و ” رجال القانون” و كثير من أشباه الفنانين و كثير من الحثالات من المتعلمين و غيرهم، يكرهون المرأة و من خلالها توازن الأسرة.
هناك من ينطلق من بعض الحالات التي تهم نساء اقترفن، في نظرهم أخطاء دمرت بعض الأسر، و ينسون أن عملية تدمير الأسرة يكمن، في غالب الأحيان بسبب ذكر لم يصل إلى درجة الرجولة.
بدأ ضعاف النفوس جولة في مباراة هجوم ضد المرأة بكل الأسلحة الخبيثة. حاول أحد من يجدون مكانا في الفضاء الأزرق، الذي يأوي شبكات غير إجتماعية ، تصوير تجاوب المجلس العلمي الأعلى مع ما قدم له من مقترحات “كخلخلة لمجتمع مسلم” و” هدم للأسر و إشغال الناس عن السياسة و… ”
نصح أحد المهتمين بالشأن التربوي و الإجتماعي الآباء بتشجيع ابناءهم بزيارة محاكم الأسرة للإطلاع على مسارات درامية لكثير من الزوجات و أسرهن. ينطلق مسلسل الطلاق و غالبا ما لا تفلح مبادرات الصلح. مسلسل مكلف ماديا و نفسيا ومرهق إجتماعيا مكوناته نفقة و حضانة و سكن ترمي بالأطفال و أمهم في مستنقع الهشاشة.
و تستمر معاناة المرأة بينما يجدد البعل فراشه بمثنى و ثلات و رباع. تدخل حياة الأطفال في نفق التهديد المستمر بنزع الحضانة في حالة زواجها.
وضع المجلس العلمي الأعلى الأصبع على مكامن الداء و أقترح حلولا منفتحة على مستقبل يقوي بنية الأسرة و يحميها من الهشاشة.
و لا زلنا في بداية الطريق قبل إنتهاء مسلسل التشريع و بداية تطبيق مقتضيات قانونية جديدة. الزواج مسؤولية إتجاه الأسرة و المجتمع يجب تأطيرها لحماية حقوق المرأة و الرجل و الأطفال . و هذه نظرة مستقبلية بإمكانيات مؤسساتية و ليست إعادة إنتاج ماض بتفكير رجعي و موغل في الجهل و الظلم.