عندما كان يجمعنا الكاطريام…

عندما كان يجمعنا الكاطريام. 

كتبها: احمد الدافري 

 

كلما ركبت هذا القطار المُسمى “البراق”، إلا وتذكرت أنني كنت في سنة 1982 أركب قطارا أتوجه فيه من شمال المغرب نحو مدينة الرباط، في درجة كانت تسمى وقتذاك : “الكاطريام (الدرجة الرابعة)”. 

 

كانت درجة الكاطريام مهشمة، تتكدس داخلها الأجساد وتنبعث منها روائح العرق. 

 ولم يكن من البديهي ان تجد فيها مقعدا للجلوس.

ما كان طبيعيا هو أن تقضي مدة السفر الطويلة واقفا في انتظار أن ينزل أحد في محطة سيدي قاسم. 

 

في تلك السنة حين كنت أركب القطار من محطة مولاي المهدي بالقصر الكبير، كنت التقي أحيانا في الكاطريام شابا في مثل سني، عائدا هو الآخر من مدينة طنجة التي يقطن فيها إلى مدينة الرباط، متوجها مثلي في نهاية أيام العطلة الدراسية إلى المدرسة المحمدية للمهندسين، التي كنا ندرس معا فيها في سنتنا الأولى. 

 

كان ذاك الشاب أبيض البشرة، هادئ الطباع، ذو الملامح التي تشبه ملامح الموريسكيين المائلة نحو الشقرة، ذو النظرات المتقدة بالذكاء والنباهة، اسمه محمد ربيع الخليع. 

 

 دارت الأيام، وتخرج ذاك الشاب من المدرسة المحمدية مهندسا للدولة في الهندسة المدنية، وأصبح رئيسا لجمعية خريجي المدرسة المحمدية للمهندسين، قبل أن يتم تعيينه سنة 2004 مديرا عاما للمكتب الوطني للسكك الحديدية، ثم رئيسا للاتحاد الدولي للسككيين في جهة إفريقيا..

 

أنا الآن راكب في مقطورة، ولدي مقعد جالس فيه داخل قطار من القطارات التي يشرف حاليا على تسييرها ذاك الرجل الذي كنت ألتقي به في مقطورة الكاطريام قبل حوالي 42 سنة. 

 

وهناك بالطبع فرق بين مقطورة 1982، وبين هذه المقطورة التي ترى من خلال نوافذها الأرض وهي تُطوى بسرعة البراق.

الفرق بينهما هو مثل الفرق بين الغنى والفقر. 😪😪

وهذا ما كان.

Get real time updates directly on you device, subscribe now.

اترك رد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

*