الحسين إمساسي
إنهاء مهمة
حتى أكبر العرافين لا يمكنهم التكهن بما يحدث في دهاليز وزارة التربية الوطنية و التعليم الأولي و الرياضة ، المسؤولون الذين يقودون قاطرة قطاع تعول عليه كل الدول الطامحة عن جد في تطوير إمكانياتها و الخروج من نفق التخلف إلى بساط العلم والنور و الوعي ، قرارات و أحداث متسارعة لا تصلح إلا لحكايات ألف ليلة و ليلة ، فما بالك بعقول مواطنين من زمن الذكاء الاصطناعي ، الأمر يصبح أكثر استغباء لعقول المغاربة حينما تفسر الوزارة إنهاء مهام عشرات المديرين الإقليميين كونه نتيجة تقارير لجان تفتيش أوضحت ربما وجود تقصير في مهامهم ، وهنا لن يحتاج أي عاقل لاستخدام نخاعه الشوكي كي يطرح سؤالا بديهيا : إذا كان هناك تقصير فأين هي المحاسبة و المتابعة ، عوض قرار إنهاء مهمة ،الذي تحتاج لكل مياه سد الوحدة كي يتم بلعها .
هل هو فعلا تقصير ، أم هي حسابات تدخل فيها السياسة اللعينة ، لعينة فعلا ، حينما يتم تسيير قطاع هو روح الدولة بهذه العشوائية و الارتجالية ، في ظل محاولات تغييب أطر بالوزارة يشهد لها جميع من في الدهاليز أنها كفاءات وطنية قادرة على الخروج بالقطاع إلى بر الأمان ، بل السؤال الاكثر إلحاحا و حسب مايروج ، لماذا يريد البعض تقزيم دور الكاتب العام للوزارة و الذي تشهد له سيرته الذاتية نيل تجارب من المالية و تسيير مؤسسات هامة مانحة إياه القدرة على المسك بخيوط أكثر قطاع معقد ومتشابك بالبلاد ، هل فعلا هناك صراع داخل الوزارة ، صراع الديناصورات ، تغذيه المصالح الحزبية دون اي اكتراث لمصالح أطفالنا و شبابنا ، و مما يزيد التخوف ، دخول النقابات على خط الصراع و المزايدات ، مما عطل تمرير مضامين النظام الأساسي المتفق عليه سابقا و تجميد ترقيات و مصالح عشرات الآلاف من الأطر وهو ما يهدد بعودة بلوكاج جديد خصوصا و أننا نشرف على فترة الامتحانات الاشهادية .
كل الامور كانت تسير برفق و انسجام حينما كان الكاتب العام للوزارة يشرف على الحوار ، لكن و بضربة عصا ساحر و ببهارات نقابية تم اعتماد الترويكا الحوارية و تحييد الدور المحوري للسيد يونس السحيمي ، و تسليم مفاتيح ربابنة الحوار لشخصيات مركزية من بينهم من أثبت في حقه سابقا ما تم بمثله انهاء مهام المديرين الإقليميين اليوم .
تعود بنا النوستالجيات ، بطعم الأسى و الأسف ، إلى زمن المخطط الاستعجالي حيث أهدرت ملايير الدولارات و ليست الدراهم ، مقابل احتلال المغرب لمراتب يخجل لها العقل و القلب ، درجات متخلفة على سلم جودة التعليم ، ملايير ضاعت ، ولم يسمع المغاربة على إثرها محاسبة أحد او إنهاء مهمة أحد ، و اليوم يطرح السؤال بشدة ، ماذا عن مشروع الريادة ، ماذا عن أموال تدفع بسخاء ، فيما يهمش من هم أجدر بالتحفيز و التشجيع لإنجاح أي مخطط لإنقاذ تعليمنا من السكتة الدماغية ، ماذا عن الترقيات ، التعويض التكميلي ، الحركات الانتقالية ، جبر الضرر عن فئات عانت من ويلات زنازين السلالم ، ألا يجدر بنا و نحن نزين واجهة الوزارة بقرارات غير واضحة و مفهومة ، ألا يجدر بنا فتح الملفات الحقيقية و التسريع بحلها ، الاستعانة و استشارة كفاءات وطنية حقيقية ، و لم لا مناظرة وطنية لإصلاح التعليم ، حتى يتم تقديم أجوبة جادة مقابل أسئلة جادة ، بعيدا عن رائحة السياسة و الصراع ، و التي لن تزيد هذا القطاع إلا وبالا عن وبال .