فنجان بدون سكر:
شراء الذمم الانتخابية: كيف تحول الفقراء إلى قطيع؟
بقلم عبدالهادي بريويك
في عالمنا السياسي، حيث يغيب معظم المرشحين عن “التفكير” و”المبادئ”، ويتصدر المشهد التنافس على شراء الذمم الانتخابية، تبرز لعبة قديمة طُوّرت لأجل الفقراء فقط.
نعم، الفقراء، هؤلاء الأبطال الذين يحرص الجميع على “تسليحهم” بأصواتهم، وكأنهم في معركة حقيقية للانتخابات، رغم أنهم غالباً ما يكونون في معركة للبقاء على قيد الحياة.
يبدأ السيناريو بكل بساطة، حيث يتوجه المرشح ذو الوجه المبتسم إلى الأحياء الفقيرة متوسلاً بأصواتهم.
ولكن بدلاً من الوعد بحياة أفضل، يسعى لتوزيع حفنة من المال، أو “قفة غذائية” مكتوب عليها “لأجل الوطن”.
وكأنهم يقدمون دعايةً لمنتج جديد في السوق، بينما في الواقع، يدفعون الفقراء إلى خانة المشتري والمباع في صفقة تُحاك خلف الأبواب المغلقة.
فتحويل الفقراء إلى قطيع سهل المنال؛ هو الفن الحقيقي في هذا المشهد الانتخابي. “صوتك مقابل زريقات نقدية “، هكذا يظن البعض أنهم يستطيعون شراء كل شيء، بما في ذلك المبدأ، والحرية، وأحياناً حتى الكرامة. فالحديث عن الحقوق أو التنمية الاجتماعية يصبح مجرد مزحة سخيفة أمام حفنة من المال أو الوعود الوهمية.
ولكن، هل توقعتَ أن القطيع سيبقى في مكانه؟ في الحقيقة، كلما نمت قطيعيتهم، زادت قدرة هذه المجموعات على تلبية مطالبهم، فأصبح من الواضح أنهم ليسوا مجرد فقراء، بل هم قوة انتخابية تُستخدم وتمتصّ بدون أي اعتبار.
بينما يروجون لوعودهم الانتخابية مثل بيع منتج جديد لم يُختبر بعد، ينسون تماماً أن الفقراء لم يعودوا في حاجة إلى كلمات فارغة، بل يحتاجون إلى حياةٍ كريمة.
ولكن ما العمل، فالقطيع يحتاج إلى من يقوده، ولذا يتم “إغواؤه” بالصوت مقابل المال، وكأنهم يتبعون راعيًا جديدًا في طريق مظلم لا يُرى منه النور.
وفي النهاية، وبغض النظر عن النتيجة، سيظل الفقراء جزءاً من هذا القطيع الذي يتجول بلا وعي في مستنقع الوعود الكاذبة.
فالمسألة لم تعد تتعلق باختيار الأفضل، بل بنجاح صنّاع الأضواء في تحويلهم إلى أرقام أو كتل صوتية تنقاد كالماشية إلى حظائر الانتخابات.
لكن، إذا نظرنا إلى الأمر بعين أكثر سخرية، نجد أن هؤلاء الذين يتم شراء أصواتهم ليسوا وحدهم من يتحملون الذنب؛ فالذنب الأكبر يقع على أولئك الذين يظنون أن بإمكانهم شراء الوطن بأقل الأسعار.
لأن الوطن ليس للبيع، رغم أن الذمم قد تكون أحياناً كذلك.