رمضاني يكتب لـ”سياسي”: دعم أمريكا لحزب العدالة و التنمية، ليس حديثا ذو طابع سياسوي، يحركه الصراع الانتخابي بل موقف..
فتح الله رمضاني يكتب لـ”سياسي”:
الإخوان إخوان للأمريكان
أمريكا ككل الدول الإمبريالية، من العادي أن تكون لها غايات و سياسات موجهة لكل دول العالم، و خصوصا دول الشرق الأوسط و شمال إفريقيا، نظرا لما لهذه المنطقة من مؤهلات و إمكانات، ومن العادي أن تتأرجح سياساتها الموجهة إليها، بين التدخل الفعلي أي العسكري، و تحت أي ذريعة تخفي أطماعها ولو كانت تحت شعار تنزيل الديمقراطية ومحاربة الديكتاتوريات، وبين التدخل الغير مباشر في شؤون هذه الدول، من خلال دعم مباشر لبعض فصائلها السياسية، ومن أجل تأهيلها وتمكينها سواء في تدافع سلمي أو في تدافع عنيف كالحروب الأهلية.
ومن العادي جدا، في ظل هذه الشروط، و بشكل يتأسس على الغايات التي تضعها أمريكا لسياساتها هذه، أن تحدد خصومها الرئيسيين في هذه الدول، الخصوم الذين يهددون بشكل مباشر و فعلي مصالحها في المنطقة، لتدعم خصومهم المحليين، والذين لا يبلغ مستوى تهديدهم لمصالحها، مستوى خصومها الرئيسيين، ولنستحضر هنا، حجم الدعم و الإنخراط الأمريكي في أفغانستان، لنستحضر كيف دعمت أمريكا حركات الإسلام السياسي هناك، ضد الاتحاد السوفياتي، بمعنى ضد الشيوعية، التي تراها أمريكا خطرا عليها من ألاف الصيحات الإخوانية التي تطالب بزوالها، والتي لم ترق ولن ترق أبدا إلى مستوى مشروع سياسي و اقتصادي، يهدد أمريكا و مشاريعها و حلفاءها، كما تهدده الشيوعية أو القومية العربية. هذه القومية التي جعلت أمريكا، تنخرط بشكل مدروس في دعم حركات الإسلام السياسي بالدول العربية، دعم وصل إلى حد التنسيق بين الإدارة الأمريكية وقيادات هذه الحركات الإسلامية، من أجل وقف تكثل العرب، أو هذه الدول العربية، ولو على مستوى الأفكار، تحت يافطة مجموعة مبادئ، نابعة من قواسم مشتركة و حقيقية بينهم، مبادئ ناتجة من واقعهم المتطابق، ومن صراعهم في الوجود، ومن دفاعهم عن استقلالية كياناتهم وأوطانهم، ضد الأطماع الإمبريالية والتي تتزعمها أمريكا.
هذا الطرح، والذي يقول بدعم أمريكا لفصائل الحركات الإسلامية بالدول العربية، ليس طرحا جديدا، وليس نقاشا حكرا على الساحة السياسية العربية والمغربية، بمعنى أنه ليس اتهام أساسه الخصومة السياسية معها، بل هو نقاش وصل أكثر من مرة إلى جلسات مجلس النواب الأمريكي،على مستوى لجنته الخارجية، التي وصلت إلى حدود المطالبة بفتح تحقيق مع الرئيس الأمريكي ومع “هيلاري كلينتون” وزيرة خارجيته، بخصوص دعمهما لفصائل الإسلام السياسي، وخصوصا دعمهما لحملة الرئيس المصري المعزول ” مرسي”، وعززت كتب و دراسات و بحوث حول هذا النقاش، رفوف المكتبات العالمية، أهمها كتاب ” الولايات المتحدة و الإسلام السياسي” الذي حاول صاحبه ( روبيرت دريفوس) شرح دوافع دعم الغرب لهذه الحركات، والذي استنفر فور صدوره الإدارة الأمريكية، التي نفت عن نفسها ما حمله الكتاب من اتهامات أماطت اللثام عن الخلفية الحقيقية لأدوار مؤسسات وجمعيات أمريكية إسلامية.
التقارب الحاصل بين أمريكا و جماعات الإسلام السياسي، لم يقتصر فقط على بعض الدول العربية، بل شملها كلها، وحتى في المغرب، فالحديث عن دعم أمريكي لحزب العدالة و التنمية، ليس حديثا ذو طابع سياسوي، يحركه الصراع الانتخابي، بل هو موقف يعززه كثرة الاتهامات و التصريحات القائلة به، و يعززه أيضا، صمت حزب العدالة و التنمية عن نفيه، وهو الحزب الذي لا يترك قياداته وخصوصا أمينه العام، أي حدث ولو كبر حجم تفاهته، إلا و تفاعل معه، وتعززه أكثر زيارات قيادات الحزب الرسمية و الغير الرسمية لأمريكا، ولمكاتب مؤسسات شؤون الأمن القومي الأمريكي، ويزكيه تورط الإدارة الأمريكية في دعم الحملات الإنتخابية للحركات الإسلامية، خصوصا بعد أحداث الربيع العربي.
فما ينفي الدعم الأمريكي عن حزب العدالة و التنمية بالمغرب؟ مادامت السياسة الخارجية للجمهوريين في أمريكا، سياسة واضحة، ومعلنة، بل هم يتفاخرون بها ضد خصومهم الديمقراطيين، يتفاخرون بأن لهم تصور واضح لباقي دول العالم، يمولونه عن طريق مؤسساتهم و معاهدهم العبر وطنية، ويراهنون فيه على حلفائهم. يتفاخرون بنجاح سياساتهم الخارجية، وبنجاح تصوراتهم، وبتمكين حلفائهم و إخوانهم.
فتح الله رمضاني