بورتري: المريزق إبن مٌي هنية…. جبلي عانى جبروت السلطة ليجد نفسه سجين البام
المريزق.. إبن مٌي هنية القادم والقادر من أجل مغرب الغد
المريزق.. جبلي عانى جبروت السلطة ليجد نفسه سجين البام
المريزق.. الوفيٌ لتاريخه ورفاقه والمناضل من أجل مغرب الغد
أحيانا يصعب رسم بوتريه عن شخصية تحمل الكثير من المداخل والمخارج في مجال اشتغالها في عالم المتغيرات، لكن من الممكن محاولة الغوص في مسار شخصية مثيرة للجدل لتموقعها الحالي مقارنة معَ مسارات حياتها الغنية بالعطاءات الفكرية والثقافية والسياسية والانسانية.
إنها صعوبة الكلمات التي تحفر بمعاول لشخصية متشعبة الأنماط والتشعبات.
أن تخصص مقالتك عنها في تدوينات على فايس بوك، قد يكون بالأمر السهل، لكن أن تترك العنان لحرية “الرقن” في الفضاء الإلكتروني، فإنه بحق لصعوبة الحفر في أوغال مشوكة النقد والتحول والإنصهار.
ليس بالصعوبة، أن نكتب عن مسار “كائن” سياسي، عابر، ولنجم فنان ورياضي، في مغرب الزمن الضائع، وفي زمن غياب الزعيم والنجم والمفكر. لكن من الصعب الغوص بالكلمات والأفكار في قلب حياة رجل خبر الحياة السياسية المغربية والحقوقية والمجتمعية، وعانى منها الويلات ليجد نفسه اليوم يحاول مواصلة المسير في حزب أسال ومازال يُسيل الكثير من المداد كما يثير الكثير من الجدل..
الدكتور اليساري المصطفى المريزق، المعتقل السياسي سابق في سجون المغرب، لمدة 5 سنوات، وقضى من بعدها 8 سنوات في منفى اختياري في باريس، بحثاً عن الحرية، قبل أن يعود إلى مكناس الزيتون أستاذا جامعياً، يلقن شباب المغرب الفكر السوسيولوجي الذي منع في عصره..، وذلك بعد أن نال من علم القلعة الطلابية ظهر المهراز، ليسافر بعد مسار طويل، مراوغا لعبة السياسة والإختباء هربا من جبروت المخزن، ومحاولة الظهور بمنظر المناضل الملتزم بقضايا وطنه ومعاناة أبناء شعبه من الطبقات المسحوقة.
بعيداً عن الأضواء.. المصطفى المريزق، الخجول شيء ما، في صمته حكمة ورسائل حزن لماضي مثقل بالجراج السياسي والحقوقي، ولحاضر “آسف” عن واقعه المتدبدب لغياب الجدال والمقارعة بالأفكار والمشاريع الفكرية والثقافية، مقارنة بشخصنة المشهد من كل جوانبه.
المصطفى المريزق، الطالب والزعيم السابق بالقلعة الطلابية ظهر المهراز، وجد نفسه اليوم يفقد جداره السميك، ويصارع وجوده داخل حزب الأصالة والمعاصرة، بعدما وجد نفسه ضمن كوكبة من الوافدين على التنظيم الحزبي من أحزاب “إدارية” ويسارية، ووسط الأعيان واصْحاب الشكارة، لكنه إلتزم بالضوابط وكأنه في ثكنة عسكرية، يأتيه بين الحينة والأخرى شعور إعلان “الانقلاب”.. إنقلاب إيديولوجي فكري وسياسي، ليسالم نفسه، ويجمع حقائبه نحوب جبال تاونات، لملامسة الماضي والحاضر، واستحضار حفريات الزمن الجميل. هناك بين أحضان مقدمة سلسلة جبال الريف حيث رضع حليب الوطنية والنضال والتمرٌد على الواقع المرير من ثدي والدته “مٌي هنية”.
المريزق المصطفى، الذي خبر وعانى ويلات التعذيب في أقبية البطحاء ودرب مولاي الشريف وسجن عين قادوس والسجن المركزي بالقنيطرة، أضحى اليوم أيقونة اليسار داخل حزب “الجرار”.
قد تخاصم البام بسبب كائناته، لكن كما يقول مقرب من المريزق لموقع “سياسي”: “لما تجد مثل المصطفى تقول ما زال في السياسة خيرا لهذا الوطن، وهو الذي أقسم بأغلظ إيمانه ووعد أبناء جبالة بالتضحية بالغالي والنفيس من أجل رفع الحكرة وتحقيق الكرامة والعدالة الإجتماعية ونيل حق المنطقة من الثروة الوطنية”.
وصفوه بـ”تشيغفارا البام”، وهو المسكون بالدينامية اليسارية، والذي جاب المغرب شمالا وجنوبا، شرقا وغرباً قبل وإبان وبعد الحملة الإنتخابية.
أطر العشرات من اللقاءات الحزبية وجاب الدواوير والمداشر وشواريع المدن المغربية رفقة مرشحي البام، اللذين أفلحوا في الظفر بمقاعد برلمانية بـ “بركة” الزعيم الجبلي المريزق.
دينامي الحركة، لا يكل ولا يمل، يسافر ليلا نهارا، يتنقل بين مختلف الدواوير والمداشر للسهر على سلامة التنظيم الحزبي، وتأطير اللقاءات الحزبية، يُدون تدويناته بإستمرار، يوقع مقالاته كل أسبوع، يرمي خصومه ومنتقديه بالقبلات، إلا أن وجد فيه البعض الخصم القادم، والزعيم القادر والملتزم.
إذا تكلم المصطفى المريزق، فما عليك إلا الإنصات، لرجل يخرج من صمته الهادئ والمتمعن، إلى صوت جهوري قوي، يصدح المكان ويزلزل الأذان ويسكت العقول المهترئة والعيون الحاسدة.
هو كذلك، صاحب العقل القاعدي اليساري الجذري، المسكون بالتنظيم الحزبي والحقوقي، والملتزم بما وعد به. لا تهمه المقاعد ولاالكراسي، بقدر ما تهمه حرية وكرامة الشعب وإعادة الإعتبار لمنطقة جبالة.
يحمل في جعبته الكثير، لا يقاوم العياء، ينصهر بين المواطنين، يناشد المسؤولين في كل حادث عابر. هو كائن واقعي، لكن واقعيته تجاوزته ليكون كائن افتراضي بحضور دائم وقوي، بمتابعين بالآلاف على مواقع التواصل الإجتماعي من مختلف المشارب والتوجهات السياسية والطبقات الشعبية. حتى أضحت تدويناته ومقالاته وأفكاره محطٌ تهافت الجرائد الورقية والإلكترونية، كما أضحت خرجاته السياسية والإعلامية في قضايا مجتمعية تتجاوزه إلى العالمية، وهي التي تجد فيها الشبكة العنكبوتية مسارا لمواصل نشر الأخطبوط القادم من عقل المريزق المصطفى.
رسم بورتريه عن المصطفى المريزق يتطلب وقتا طويلا من النبش في مسار شخصية حاضرة وبقوٌة في الدائرة الضيقة لزعيم البام، إلياس العماري، الذي عاشره وذاق معه مرارة سنوات الجمر والرصاص تحت سقف واحد، كما عانى معه ألم سنوات الجمر والرصاص التي تمٌ طيها بمعية رفاقه في الحزب اليسار الاشتراكي الموحد وفي هيئة الإنصاف والمصالحة وداخل المنظمة المغربية لحقوق الانسان التي يعتبر المصطفى أحد قادتها اليوم.
المصطفى المريزق، الحاضر بقوةٌ في ثنايا تنظيم حزب الأصالة والمعاصرة، في مشهد يصفه البعض بالغرابة، متسائلين كيف ليساري الفكر والمسار أن يكون قياديا اليوم في حزب “السلطة”، وهو ما يرد عليه البعض في كون المريزق ليس بالشخص “الانتهازي” اللاهث وراء المقعد أو المنصب، بل هو اليوم ضحية البام.
ضحى بوقته ومساره الأكاديمي، حتى حرم وظلم أسرته الصغيرة وأصدقاءه ورفاقه في العلم والثقافة، وأصدقائه من أهل الفن والإعلام الذي يعشقون المريزق المفكر في السوسيولجيا والفنان المبدع في الفن والعازف على آلة العود، بعيدا عن جبروت السياسة السياسوية.
هو المصطفى المريزق، أيقونة البام، رجل التنظيم والإلتزام والتضحية.. القادم والقادرمن أجل التغيير ومن أجل مغرب الغد..
اعداد: رشيد لمسلم