البلوكاج الحكومي يكشف الحقائق: المغاربة يثقون في الملك محمد السادس ضامن الاستقرار والأمن والإخوان يريدون الحكم
بعد شهور من الانتظارية في تشكيل الحكومة بعد نتائج الانتخابات التشريعية ل7 أكتوبر الماضي، وتعيين الملك محمد السادس لرئيس الحكومة من اجل تشكيل حكومته، وبعد فشله الى حد الآن في ذلك، اتضح بكل وضوح مدى الهوة الفاصلة بين العملية السياسية لبعض الاحزاب، واستمرار المؤسسات في العمل بشكل عادي وكأن لا شيء في الانتظارية.
ورغم ان الحكومة لم تتشكل، الا ان المغاربة أصبحوا يتداولون سواء في مواقع التواصل الاجتماعي او في الحياة الواقعية حقيقة واضحة، وان المؤسسات تسير والمغرب بخير ما دام الملك محمد السادس هو الضامن الأول لسير الدولة وعمل المؤسسات وحفظ الأمن والاستقرار الروحي والسياسي والاقتصادي والاجتماعي….
ورغم أن الحكومة ما زالت معلقة، ورغم دعوة الملك لرئيس الحكومة بالاسراع في اخراجها الى الوجود، تبقى الحقيقة الاخرى، ان المغاربة استشعروا بكل قوة، ان الحياة السياسية والتدبيرية للحكومة مسألة متجاوزة، ما دام المغرب يسير منذ اشهر بكل سلام وأمن واستقرار، وتحركات الملك الافريقية تساير الديبلوماسية في ابعد تجلياتها، فالحاضر والمستقبل بيد الملك، وليس لرئيس حكومة تابع لحزب ” إسلاموي” يصقل من نظام الاخوان المسلمين والفكر المتطرف أفكاره المتسلطة والتي تبسط خارطة طريقها نحو الحكم والوصول الى كل اشكال السلطة والتسلط والانصهار في مؤسسات الدولة في انتظار التوغل وتحويل المغرب الى بلد الحكم الجبروتي الانقلابي…عكس ما يقوم به الملك من حكم متبصر وعقلاني وحداثي متأصل من ينابيع امارة المؤمنين ومفهوم الدولة الحديثة والمعاصرة المبنية على حقوق الانسان والمواطنة.
واستشعر المغاربة، ايضا، في نازلة عدم تشكيل الحكومة، ان الضامن الاساسي لكل عملية ديمقراطية واستقرار الحياة العامة هو الملك، رغم محاولات التشويش التي تحاول أطراف استغلالها بشكل سيء، ورغم مناورات الخصوم، لكن تبقى الحقيقة ساطعة فوق اكل المناورات الخبيثة والمكشوفة.
وباستمرار الحياة العامة بشكلها الاساسي، انكشفت عورة تيارات وقيادات سياسية ووجوه تؤمن منذ زمن بعيد بعقلها وبقلبها في محاولة ان تتحقق “التنبؤات” وان يعيش المغرب حالة استتناء وصراع وبؤرة دماء كما وقعت نتيجة ما يسمى ب” الربيع العربي”، وهي مؤشرات ما زالت حاضرة في مشهدنا المغربي لحركات وتيارات اسلامية تعيش على وقع التغيير والخلافة المنشودة، وعلى عصر الجاهلية والحجر والدوغمائية، ولم تستوعب التحولات التي وقعت بالمغرب خصوصا منذ اعتلاء الملك محمد السادس لسدة الحكم، وقيامه بثورة صامتة همت الحياة السياسية والحقوقية والاجتماعية والتضامنية، من خلال ارساء دولة الحق والقانون والقطع مع سنوات الظلام والنظر الى المستقبل بوضع استراتيجيات اقتصادية وتنموية تهذف الى الرفع من مستوى معيش المغاربة واحساسهم بالمواطنة الحقة، والدفع بالمغرب لمسايرة بلدان الديمقراطية والحداثة والتطور والنماء.
لكن، يبدو ومن خلال بعض الخرجات الساقطة، والافكار الميتة التي ما زالت تعشعش في عقول مريضة بأمراض نفسية ومسيجة بإبيستميات معرفية تجاوزها التاريخ الحديث والمعاصر، ما زالت تؤمن بالخلافة والداعشية…وهو ما تصدى له المغرب بفضل حكمة الملك محمد السادس وفطنة الأجهزة الأمنية ويقظة حراس المغرب من مناعة دينية روحية وعيون أمنية استخباراتية التي اطاحت بالعديد من الخلايا النائمة والتي تحاول ان تضرب المغرب وتهدد استقراره، نتيجة ” الحسد” الذي سد عيون الجيران والأعداء والخصوم.
وبغياب الحكومة، التي يظهر ان دورها يبقى مجرد تدبيري لعمل المؤسسات والسهر على الحياة اليومية للمغاربة رغم النقص التي تعانيه الحكومات من عدم قدرتها على تقديم برامج كافية وهاذفة، ورغم دعوات الملك المتعددة في خطبه الحكومة من اجل العمل على الاهتمام بواقعية المغاربة من تعليم وصحة وتمدرس وخدمات…الا ان الحكومة السابقة كما بينت التجارب ان من كان يقودها من حزب العدالة والتنيمة لم تحول عملها الى عمل مؤسساتي وأهدرت الزمن السياسي في نقاشات شعبوية، اكدت مرة اخرى مواصلة حزب العدالة والتنمية نفس المسار من خلال جعل قيادة حزبه هي المتحكمة في رقاب المغاربة، ولم تستوعب رسالة الملك في خطاب افتتاح مجلس النواب في اكتوبر الماضي لما قال” إن الهدف الذي يجب أن تسعى إليه كل المؤسسات ، هو خدمة المواطن. وبدون قيامها بهذه المهمة، فإنها تبقى عديمة الجدوى، بل لا مبرر لوجودها أصلا. ..”
وهو ما لا يفهمه الكثير من السياسيين الذين يخدمون مصالحهم ومقاعدهم اكثر من خدمة الى مصالح المغاربة، ولم يفهموا التحديات المطروحة دوليا بالتغيرات الواقعة في السياسات الدولية، ولم يفهموا ان المغرب دولة استتناء تثير حقد وحسد الكثيرين، وهو ما قاله الملك فعليا من خلال” اللهم كثر حسادنا”..
وهي رسالة واضحة ان المغرب منذ سنوات اختار نهج سياسة واضحة بمعالم قوية تؤمن بالديمقراطية وحقوق الانسان وبإسلام وسطي ينبذ العنف والكراهية، لمغرب التعددية والاختلاف، لاقت تجوابا كبير من قبل المغاربة سواء في الوطن وخارجه، وأصبحت التجارب المغربية محط اهتمام دولي وربط المغرب أواصر عمقه الافريقي بكل تحدي من اجل مسنقل كرامة الانسان المغربي والافريقي بعيدا عن القراءات والمخاطر التي تريد زعزعة الاستقرار وتحويل أرض الاختلاف والتعددية والتاريح والحاضرة الى ما يشبه ما يقع اليوم في ليبيا ومصر وتونس وسوريا….
رشيد لمسلم