تصريح بن كيران؛ افريقيا وخصوم المغرب. هو تصريح خارج السياق؛ وخارج منطق الزيارة الملكية لأفريقيا
بقلم: نوفل البعمري (*)
تصريح بن كيران حول الجولة الملكية لأفريقيا وربطها بالوضع السياسي الداخلي؛ الحديث عنها بلغة فيها نوع من الاستنكار لها والاحتقار للبلدان الإفريقية؛ تناقلته مختلف المواقع الإلكترونية الموالية للبوليساريو؛ واستندت عليها في تهجمها على الزيارة الملكية وعلى عودة المغرب للاتحاد الإفريقي.
للاسف هذه التصريحات وبالاسقاط الذي مارسه رئيس الحكومة وربطه بين ما سماه “تفريج كرب افريقيا بينما الشعب المغربي يتعرض للإهانة” هو ربط غير سليم وغير مفهوم.
هل يعي جيدا السيد رئيس الحكومة ما يقوله وما يترتب عن تصريحاته من أزمات متتالية دبلوماسية على المستوى الخارجي.
لقد سبق له أن أهان كولومبيا داخل مجلس النواب في معرض جوابه على برلماني وتسبب الموضوع في أزمة تم تجاوزها بصعوبة…
وبعدها تهكم على الصين في جواب له حول الوضع الصحي ببلادنا داخل مجلس النواب؛ ولولا أنه تم استدراك الأمر في حينه لكانت هناك أزمة مع هذا البلد القوي؛ الحليف الاستراتيجي للمغرب خاصة على مستوى القضية الوطنية…
لقد سبق له أن جر أزمة حقيقية مع روسيا في الوقت الذي كان المغرب يريد أن ينخرط في شراكة استراتيجية جديدة مع هذا البلد؛ وفي توقيت كان ملف الصحراء يعرف تكالبا كبيرا عليه من قبل الأمين العام السابق للأمم المتحدة؛ ولم يتم تجاوز الأزمة إلا بصعوبة…
قبلها وعند لقائه بمسؤول فرنسي وعند إجابته على سؤال هل ستفوزون في الانتخابات، أجابه رئيس الحكومة إذا تركتنا وزارة الداخلية… كانت رسالة جد سيئة لحليف تاريخي للمغرب.
وغيرها من التصريحات؛ هذه المرة تصريحه يأتي بعد أيام معدودة من عودة المغرب للاتحاد الإفريقي؛ وتوقيعه لاتفاقيات جد مهمة مع بلدان أفريقيا واختراقه لبلدان أخرى كانت لوقت قريب تتموقع ضمن المثلث المناهض لنا ولوحدتنا الترابية.
تصريح رئيس الحكومة للأسف هو تصريح خارج السياق؛ وخارج منطق الزيارة الملكية لأفريقيا وللاستراتيجية التي أطرتها ومازالت تؤطرها الى الآن.. وربطها بالصراع السياسي الداخلي هو ربط لا معنى له إلا أنه يمارس ضغطا ولعبا في مربع يمس المصالح الحيوية للمغرب؛ وفي توقيت لا يمكن أن يكون إلا مدروسا؛ فالملك في زيارته لبلدان كانت للأمس القريب متموقعة ضد المغرب وشكلت زيارتها والانفتاح عليها رهانا قويا للمغرب؛ في الوقت الذي فشل خصوم المغرب وأعداؤه من قيادة البوليساريو وعسكر الجزائر في إفشال استرجاع المغرب لكرسيه بالاتحاد الإفريقي؛ وهذه الزيارات المتتالية الناجحة… جاءت الهدية من داخل المغرب ومن مسؤول رسمي؛ يتموقع هرميا في المرتبة الثانية او الثالثة على مستوى هرم الدولة؛ وهي الهدية التي تلقفوها بسرعة ودهاء مروجين لخرجته الإعلامية وكأنه صوت مناصر ومتقاطع معهم ومع قراءتهم وخطابهم المؤطر لمناهضة المغرب أفريقيا…
رئيس الحكومة هو مسؤول في موقع يفرض عليه التمييز بينه وبين موقعه كأمين عام للحزب؛ وأنه في موقع يفرض عليه واجب التحفظ ومراعاة مصلحة العليا للوطن وليس مصلحة حزبه في البقاء في السلطة.
رئيس الحكومة صرح في ذات اللقاء أنه إذا تقررت مصلحة الوطن العليا أن ينتقل للمعارضة فسينتقل لها… عليه أن يعي أن مصلحة الوطن لا علاقة لها بموقعه هل على رئيس الحكومة أو خارجها؛ بل في مراعاة مصالح المغرب الحيوية وعدم استعمال مبادرة البلاد والملك في صراعه وضغطه لانتزاع الأغلبية بالقوة السياسية؛ مصلحة الوطن أن تراعيه فعلا؛ وتقدر مبادراته وخطواته الاستراتيجية ألا يتم التقليل او الاستهزاء منها أو استعمالها استعمالا يقدم هدية لخصوم المغرب وأعداء وحدته الترابية.
السيد رئيس الحكومة تعقل قليلا؛ واترك المصالح الاستراتيجية للمغرب خارج دائرة الصراع الحكومي.
(*) ناشط سياسي