رسالة من جوار المقبرة
مساء الخير وطني العزيز
أبعث اليك بتحياتي المفعمة بأحلام هند وكاميليا، وأكتب اليك من بعيد..وأنت الآن تستعد للعيش في كنف إختيارات لم يتوجها كفاحك من أجل حقوق الانسان والديمقراطية. كنت صادقا في تضحياتك، وقدمت أعز ماكان عندك من شباب ونساء ورجال وطلبة وعمال وفلاحين، نصرة لمواقفك التواقة للمساواة والعدل..ومن أجل الحرية والتحرر، لم تساوم بهويتك..اخترت منزلتك وغضبت على كل دعاة المابين المنزلتين…
رغم رطوبته، كان السجن في زمن عنفوانك مدرسة…
ورغم عنهجية السلطة، كانت العزلة والمنفى عربون محبة…
ورغم زمهرير البؤس والحرمان، كان حنانك رحمة…
ورغم العتمة وعنف خفافيش الظلام، كانت حدائقك جنة…
ورغم قساوة العيش، كانت محنتك سعادة…
واليوم؟ عن ماذا أحكي لك؟
ربما نستحق ان نكون حطبا حتى تحقق حلمك بعدما كنا ولزمن طويل ذروعا…
آه منك يا وطني..طلبت منا الكثير ولم نقدم لك إلا النزير..
لا تعاتبنا، لأننا لا نستحق العتاب..
لا تآخذنا، لأننا لازلنا لم نتخلص من قيودنا…ونزواتنا…
ولا ترحمنا، لآننا قتلنا كل الفراشات المزركشة بأقواس قزح…
وبعد كل هذا؟ أخبرك يا وطني أننا لم نتوب ولم نتعلم..ولازلنا نسير جنبا إلى جنب مع المجهول، ولازلنا نمشي خلف السراب بدل خيوط الشمس..
لآ أريد أن أعكر مزاجك هذا المساء، ولا أريد أن أفسد عليك سهرتك…
أريد فقط أن أقول لك أنك جميل رغم الخدش، وأن قراك ومدنك مساحات للأحياء وليست للموتى…
لا تساوم مهما استسلمنا نحن، وقاوم لأن حياتك مديدة…
وإلى فرصة أخرى
التوقيع المريزق المصطفى
من جوار المقبرة…
باريس، 26 مارس 2017