استقبال اللاجئين السوريين بالمغرب.. درس في الانسانية
*هشام الفرجي
درس جميل في الإنسانية ذلك الذي قدمه المغرب للجزائر بعدما قرر الملك محمد السادس استقبال مجموعة من 13 عائلة سورية كانوا عالقين بين الحدود المغربية الجزائرية لأسابيع.
قرار الملك الذي أملته القيم الإنسانية كما جاء في بلاغ الديوان الملكي تزامن مع احتفال المنتظم الدولي باليوم العالمي للاجئين الذي يصادف كل 20 يونيو من السنة، وهي إشارة لابد من التوقف عندها لما تحمله من دلالات معبرة وعميقة.
أولا المغرب الذي بات ينهج سياسة في مجال الهجرة واضحة المعالم، يتحمل مسؤوليته في معالجة هذه الظاهرة، التي تولي لها الدولة وعلى رأس هرمها الملك محمد السادس الأهمية القصوى لما لها من أبعاد إقليمية ودولية كثيرة، لم يكن ليترك خصومه يطلقون العنان لمسلسل الأكاذيب لتشويه سمعة المغرب لخدمة أغراض من لهم مصلحة سياسية أو استراتيجية في ذلك، من خلال اتهامه بعدم استقبال اللاجئين أوطردهم رغم أنه لم تطأ أقدامهم قط التراب المغربي، وهي المغالطات التي حاولت دولة بوتفليقة ترويجها اعلاميا، الأمر الذي جعل المغرب يقرر “استثنائيا” استقبالهم ومعالجة وضعهم فوريا.
ثانيا، لا يمكن مقارنة المغرب بالجارة الشرقية التي التصق اسمها بمعاناة المهاجرين لاسيما المنحدرين من القارة السمراء، وعدم تحمل مسؤولياتها الكاملة في تسوية أوضاعهم ودمجهم في مجتمعها، وهذا يظهر في تقارير الهيئات الحقوقية الدولية التي كان آخرها احتجاج فرع منظمة العفو الدولية في الجزائر، على ما وصفتها بأنها “دعوات العنف والعنصرية ضد المهاجرين القادمين من دول الساحل الأفريقي”، على خلفية نقاش حاد على مواقع التواصل الاجتماعي يطالب بترحيلهم إلى بلدانهم. فالمملكة المغربية قطعت أشواط مهمة في كيفية تدبير ملف الهجرة، الذي يقض مضاجع مختلف دول العالم والمنظمات الإقليمية والدولية، والبحث عن الحلول الناجعة لها في ظل المسعى المغربي العام إلى تكريس بناء الدولة الديمقراطية الحديثة التي تضمن المساواة بين المواطن والمهاجر وادماجهم في الحياة العامة.
ثالثا، استقبال العائلات السورية التي علقت بين الحدود المغربية الجزائرية، يأتي في إطار التزام الدولة المغربية باحترام حقوق الإنسان كما هي متعارف عليها دوليا واحترام المعاهدات والمواثيق التي صاقت عليها المملكة في مجال الهجرة وحقوق المهاجرين، وهو ما يعني أن المغرب أثبت حنكته في معالجة أحد ملفات الهجرة التي تخص اللاجئين السوريين، وكان القرار حكيما بامتياز للقضاء على مؤامرات الجيران الذين اتخذوا موقف المتفرج.
إذن، لا بد من القول أن هذا القرار الشجاع يستحضر البعد الانساني ويعزز سياسة الهجرة المتفردة، التي تنهجها المملكة، والتي تعد نموذج ينبغي ان يستلهم الدول المعنية بظاهرة الهجرة، ولا سيما الجارة الشقيقة، باعتبارها سياسة حكيمة راعت المبادئ الأساسية لحقوق الإنسان التي صادق عليها المغرب والتي تقوم على مساعدة المهاجرين القاطنين بالمملكة، الذين يوجدون في وضعية هشاشة، على الاندماج الاجتماعي والمهني والتربوي والثقافي، وكذا تيسير ولوجهم الى الخدمات الاساسية كالتعليم والصحة والسكن وتأهيلهم المعرفي واللغوي خاصة بالنسبة لأبناء المهاجرين.
*صحافي مختص في قضايا الهجرة