تحليل: محاكمة الزفزافي ومن معه: “حراك الريف” من المطالب المشروعة الى جدلية المحاكمة العدالة واطلاق سراح المعتقلين والاستغلال الحقوقي والمتاجرة
سياسي: رضا الاحمدي
بعد تراجع احتجاجات ” حراك الريف” ومسايرة الحكومة للمطالب المشروعة من احداث مستشفيات ومراكز صحية ومناصب شغل وملاعب وسكن…وفرض استراتيجية جديدة لنهوض بمشاريع” الحسيمة منارة المتوسط”…تحولت القضايا المرتبطة بما افرزه الحراك، من تداعيات كان اهمها اعتقال المتهمين الذين ساهموا في الخروج من مشروعية الاحتجاجات الى التوظيف السياسي والاستغلال والمناورة واستفزاز مؤسسات الدولة.
وباعتقال الزفزافي ومن معه، وبروز مطالب اخرى تتعلق باطلاق سراح المعتقلين، يمكن الرجوع في كرونولوجية سريعة تتعلق بالاحداث لكشف الحقائق الظاهرة والباطنة والغريبة التي كانت لها اهذاف اخرى….والتي اصبحت تظهر يوم عن يوم..كما ستظهر حقائق اخرى اثناء المحاكمة.
فكما هو معلوم، يمكن اعتبار ” حراك الريف” نتيجة حتمية لاحتجاجات ظهرت مباشرة بعد الحادث المأساوي في مقتل بائع السمك محسن فكري، الذي راح ضحية عمل غير مقبول تحملت اطراف المسؤولية، وتم اقالة مسؤولي الميناء وتقديم المتهمين للعدالة، كما كشف الحادث واقع تجارة السمك وعدم احترام الشروط القانونية في الاستراد والبيع…وهو ما جعل وزارة الفلاحة والصيد البحري تبحث في القضية وزارة وزير الفلاحة الحسيمة لمعالجة الاختلالات.
لكن، وبعد رحيل فكري، وتنظيم وقفات احتجاجية متفرقة، وقيام وزارة الداخلية والعدل باجراء بحث دقيق كما قال بلاغ صادر في وقت سابق، تطورت الاحداث واصبحت الاحتجاجات اسبوعية وتخرج في سليمة ويراقبها الأمن ولم يتم تسجيل اي تدخل او قمع.
ورغم المجهودات التي قدمت إبانها، يظهر ان بعض من الشباب كانت لهم أراء اخرى، وبتنسيق مع “دخلاء” حاولوا التموقع والتوغل بين الشباب المحتج واختراقه في انتظار الركوب عليه مستقبلا…من خلال الترويج ل>الدولة الريفية” وحمل صور عبد الكريم الطابي وعلم الريف….،كما اتضح في افراز “الحراك الشعبي” وبروز الزفزافي واخرين…لتنتقل الاحتجاجات من مطالب اجتماعية صرفة الى استفزازات وتصريحات وخرجات بالفيديو على يوتوب كشفت ان هناك اشياء يخطط لها .
وبرفع الشعارات المشروعة اجتماعيا واقتصاديا، بادرت الحكومة المغربية في قيام الوزراء بزيارات ميدانية وفتح نقاشات موسعة مع المسؤولي المحليين والجمعيات الحقوقية والمدنية بهذف معرفة مكامن الخلل والضعف..,تم تقديم مشاريع اخرى ووضع خارطة طريق هذفها تقديم حلول واقعية وملموسة للمواطن الريفي.
في حين ظلت اصوات بقيادة الزفزافي تراوغ وتزايد من اجل اهذاف اخرى، واتضح ان للامر ايادي ودعم خارجي خصوصا من اشخاص بهولندا وبلجيكا.
وقامت الدولة بفتح حوار جدي ومسؤول مرة اخرى مع جمعيات المجتمع المدني والنقابات والاحزاب السياسية والمنتخبين لتوضيح المطالب وحصرها، من خلال مجموعة من الزيارات لمدينة الحسيمة التي كان الهدف الأساسي من هذه الزيارات هو الاطلاع على التطورات التي شهدها الإقليم والوقوف عن كثب على حقيقة الأوضاع بالمنطقة وتدارس السبل الكفيلة بتسريع الدينامية التنموية بالإقليم، والبحث عن النهج السليم والأنجع في التعامل مع المواطنين والإنصات لحاجياتهم من خلال مقاربة قوامها الحوار كمنهج ووسيلة لتحقيق التهدئة وإعادة السكينة بالمنطقة وفتح المجال للاستجابة للمطالب الاجتماعية والاقتصادية.
كما ان التوجيهات الملكية الحكيمة، جعلت الحكومة ومتدخلين اخرين بتسريع من إنجاز مختلف المشاريع التنموية المندرجة في إطار مخطط “الحسيمة منارة المتوسط” الذي أعطيت انطلاقته بتاريخ 17 أكتوبر 2015، الذي يعتبر الاطار العام والشامل والمجيب لكل الانتظارات الاقتصادية والاجتماعية المعبر عنها من طرف الساكنة، هذا فضلا عن برامج تنموية أخرى تسعى إلى خلق آفاق تنموية مندمجة بالإقليم وتروم تنزيل إصلاحات عملية ملموسة للنهوض بأوضاع المواطنين وفق استراتيجية شاملة لتحقيق العدالة المجالية وتقليص الفوارق التنموية، وهو الأمر الذي يؤكد النهج الراسخ للسلطات العمومية القائم على التجاوب الايجابي والاحتضان التام لتطلعات المواطنات والمواطنين في طل جهات المغرب، حيث اطلقت مشاريع التنمية الشاملة برعاية ملكية.
من جهة اخرى وارتباطا باعتقال الزفزافي، كشفت المعطيات ان الاعتقالات جاءت نتيجة صيرورة لتحركات الزفزافي الذي غامر الى ابعد حد وخرج عن القانون وهو الذي كان يجوب الحسيمة طولا وعرضا بكل شوارعها في اطار ” النضال” الذي تحول الى ماركة مسجلة، واراد ابتزاز الدولة والمؤسسات.
و في الوقت الذي كان الرأي العام يتجه لدعم التريث والحكمة في انتظار استكمال مشاريع التنمية الموعودة من قبل الجهات الحكومية، واصل الزفزافي ومن معه اللعب بالكلمات والشعارات والاستفزاز واهانة المغاربة من خلال عدم احترام العلم الوطني ووصفه ب”علم ليوطي” وعدم حمله في المسيرات، وواصل مهاجمة شخصيات حكومية ومسؤولين كبار …الا ان الحدث الذي هز مشاعر المغاربة وتم التنددي به هو ذلك سلوك صيبياني في مهاجمة مسجد حيث صلاة الجمعة واستغلاله في النيل من الأمن الروحي للمغاربة.
وان كانت الاحداث التي وقعت من الهجوم على مساكن، واقامة الأمن واصابة العديد من رجال الأمن والقوات المساعدة…والتحريض على الاضراب العام، ودعوة التجار والحرفيين الى اغلاق المتاجر ا ضدا على حرية الاشخاص… وحرمتهم من القوت اليومي خصوصا وانه شهر صيف حيث تنتعش المدينة سياحيا…….
انها امور كشفت ان المؤامرة كانت مخدومة وتتجه الى التوغل لاقرار الفكر الاستئصالي والتفرقة والعداونية اتجاه مؤسسات الدولة؟
وهو ما جعل ساكنة الريف تعتبر عن رفضها لهذا الممارست وعدم في التجاوب مع دعوات الاحتجاج، وهو ما جعل المدعو ناصر الزفزافي يقرر التصعيد ونصب نفسه ممثلا لساكنة الإقليم والمحاور الوحيد باسمها، رافضا الاعتراف بمؤسسات الدولة والهيئات المنتخبة بهدف الدفع إلى أفق مسدود وخلق حالة من التوتر والاحتقان بالإقليم، والذي تجلى أساسا في إضرام النار في إقامة سكنية ووسائل نقل مخصصة للقوات العمومية وتعييب وكسر ممتلكات عامة وأخرى تعود للخواص، وارتكاب أعمال عنف ضد رجال القوة العمومية أثناء قيامهم بوظائفهم وقطع الطرق العمومية في وجه المواطنين.
وواصل الزفزافي في تحدي للقانون والأمن العام في إطلاق تصريحات لا تمت بصلة إلى المطالب الاجتماعية والاقتصادية بل تمس بالأمن والسلامة الداخلية للدولة من خلال التحريض على حمل السلاح، وإهانة أجهزة الدولة وهيئات ينظمها القانون والتهديد والتحريض بالتصفية الجسدية والقتل في حق موظفين عموميين، وإضرام النار بمسكن الغير، والدعوة لإهانة علم المملكة والتظاهر بدون ترخيص بالطرق والأماكن العمومية والتجمهر المسلح والتهديد بشل الحركة الاقتصادية للإقليم.
وتقول مصادر” سياسي” انه في الوقت الذي كانت الدولة تضمن للمحتجين طيلة سبعة أشهر ممارسة حرية التعبير وحرية التظاهر السلمي، في حين يرى مراقبون ان على الدولة فرض سلطة القانو أمام الدعوات لاحتجاج بشكل تصعيدي، حيث تقرر منع كل أشكال الاحتجاج غير المصرح بها بالمنطقة حفاظا منها على أمن المواطنين وسلامة ممتلكاتهم.
وان كنا في دولة الحق والقانون وسيادة روح الاستقرار والأمن في جعل المغاربة يعبرون بكل حرية عن مطالبهم، فان ما وقع في حراك الريف يطرح اكثر من سؤال عن الخلفيات التي تحكمت سواء من داخله او الايادي الخارجية في التمويل وغيرها.
كما افرز الحراك ان هناك جمعيات حقوقية تقتات من كل حركية مجتمعية وهي بعيدة كل البعد عن الراز البعد الحقوقي في شموليته الاسانية. حيث استغلت بعض المنظمات الحقوقية الوطنية والدولية والمنظمات الراديكالية المعروفة وكذا ذوي النوايا السيئة ملف أحداث الحسيمة لإعداد تقارير معادية للمغرب ومؤسساته وإطلاق تصريحات يومية عبر وسائل التواصل الاجتماعي تندد بتدخلات القوات العمومية، بالإضافة إلى تقديمها الدعم لمتزعمي الاحتجاجات متغاضية، عن كل ما صدر عنهم من أعمال عنف ومس بمشاعر المغاربة.
كما اساهمت جمعيات تدعى دفاعها عن حقوق الانسان في حملة ممنهجة مسعورة اتهمت من خلالها مؤسسات الدولة بممارسة التعذيب تجاه المعتقلين دون استنادها لأية معطيات مثبتة وعمدت إلى ترويج خطابات مغرضة تبخس مجهودات الدولة في المجال التنموي في الإقليم وتتهم السلطات العمومية بتغليب ما سمي “مقاربة أمنية، وهي جميعات لم تمارس الحيادية، رغم ما قدمه وزير حقوق الانسان امام الجمعيات المحلية بالحسيمة من معطيات واستمع للجميع ودعى الى تقديم كل القضايا لاعمال القانون ان كان هناك شطط في استعمالها او وقوع “تعذيب” اوغيره…,هو ما جعل الجمعيات تلتزم الصمت في عدم تقديم ادلة وقرائن تبين الادعات والاكاذيب.
كما حاولت الدولة مسايرة بعض الاصوات ودعم الجمعيات في تحقيق نوع من الانفراج وتم اطلاق سراح “سيليا” التي كانت تعاني من وضع صحي محرج.
وفي انتظار اصدار احكام القضاء على معتقلي الريف لمجموعة الزفزافي ومن معه، واحتراما للسلطة القضائية، كان لزاما على بعض الجمعيات والحقوقيين والمحامييم التزام الحكمة احتراما للقانون وليس معاجمة القضاء..لكون المغرب اختار فصل السلط….فلماذا مثلا لم يتدخل هؤلاء في الدفاع عن المصابين والجرحى من افراد القوة العمومية الذين اصيبوا في الاحتجاجات ؟
وان كان المغرب بلد سيادة وقانون، وجب الجميع الدفاع عنه، وليكون للقضاء الحكم في اثبات الأدلة او بطلانها، والافراج عن المعتقلين او محاكمتهم طبقا لافعالهم الاجرامية التي تدخل سواء في الأمن العام او الجنح والجنايات.
لكن/ يبقى الأمر الخطير، هو استمرار البعض في المتاجرة في الحراك خصوصا من قبل ايادي وعقول معروفة تاريخيا في مهاجمتها للدولة المغربية وللصحراء المغربية ورموز الدولة.
وهم اشخاص يقتانون من مثل هذه القضايا ويعيشون في دول اوربية، يعتبروا من مدبري و “مثيري الفتنة” تستغل ثلة من العدميين والمأجورين والمرتزقة، إضافة إلى بعض المشاركين “المغرر بهم” ومنهم الأطفال والمراهقين، في الوقفات الاحتجاجية المنظمة في عدد من المدن الأوربية عبر توفير الدعم المادي واللوجستيكي، وذلك قصد تضخيم عدد المتظاهرين وتقديم الدعم من خلال عمليات جمع الأموال، والدعوات إلى التبرع، وتوفير حافلات بالمجان أو بأثمنة رمزية أحيانا، لضمان المشاركة المكثفة لنفس المجموعات في جميع الأشكال الاحتجاجية المنظمة في العديد من المدن الأوروبية، وهنا يطرح التساؤل حول مصادر تمويل هذه الأنشطة التي تتطلب إمكانيات مادية مهمة.
واذا كان القانون الجنائي المغربي يجرم مثل هذا الافعال والممارسات في تلقي الدعم الخارجي لاهداف خطيرة، وفي الهجوم على مقرات عمومية وتحريض المواطنين على الاضراب والعنف وشل الحركة الاقتصادية…فان علينا اليوم ان نختار ما بين ان نترك للقضاء ان يقول كلمته لمحركي الاتحتجاجت والتي كانت في بدايتها سلمية لمدة سبع اشهر….الا ان وصلنا لمنعطفات خطيرة..وبين ان نلعب بالنار ونضرب ما بني من سنوات في الاختيار الديمقراطي لدولة الحق والمؤسسات وحقوق الانسان ومسايرة مشاريع التنمية التي تهذف الى تحقيق الرخاء والاستقرار للمواطن المغرب في كل المدن والاقاليم والجهات والمداشر والبوادي والقرى …وليس الريف اسثثناء.