قال الحبيب المالكي رئيس مجلس النواب في افتتاح أشغال المناظرة الدولية حول موضوع “دور البرلمانات و المجالس الاقتصادية والاجتماعية الإفريقية والمؤسسات المماثلة في مواجهة التحديات الجديدة للهجرة”، “….عندما نلتقي في مناظرة دولية لنبحث ونناقش ونتبادل الرأي بشأن دور البرلمانات و المجالس الاقتصادية والاجتماعية والمؤسسات المماثلة في اقتراح الحلول ورفع التحديات التي تفرضها هذه الظاهرة، فإننا نَفْعلُ ذلك لاقتناعِنا بأن عولمةَ الظاهرة وحِدَّةَ التحديات والمُعضِلات التي تطرحُها، تقتضي التفكيرَ الجماعي، الهادئ والموضوعي، قصد المساهمة بمُخرَجات ناجعةٍ، قابلةٍ للتنفيذ تُسْعِفُ في التخفيف من الظاهرة ومن انعكاساتها، وبالخصوص باقتراحات للنهوض بثقافةٍ جديدة، تشكل أسَاسَ سياساتٍ من أجل هجرة منظمة ومنتظمة…..”
واضاف المالكي ” أن هذا الهدَف هو الذي يَحْكُمُ سياسةَ المملكة المغربية في تَعَاطِيهَا مع ظاهرَتَيْ الهجرة واللجوء. ولَيْسَ اعْتِباطِيًّا أن تختار المجموعة الدولية بِلَادَنا لاحتضان المنتدى العالمي حول الهجرة واعتماد الميثاق العالمي من أجل هجرة آمنة منظمة ومنتظمة خلال شهر دجنبر المقبل. فبعد أن كان المغربُ بَلَدَ عبورٍ للمهاجرين أصبح أرضَ استقبالِ واستقرارِ عددٍ كبير من هؤلاء. وقد تَيَسَّرَ ذلك، على الخصوص بفضل سياسة الهجرة الجديدة التي أطلقها المغرب منذ أكثر من خمس سنوات، سياسةٌ شجاعةٌ وإٍرَادٍيَّة تستحضرُ بِالإضافة إلى البعد الحقوقي والإنساني، بُعْدَ الأُخُوَّةِ وواجب التضامن واعتبار الهجرة ظاهرةَ إِثْرَاءٍ وتَمازُجٍ وتلاقحٍ، سياسةٌ تتوخى الإدماجَ وتمكينَ المهاجرين من حقوقهم الاجتماعية الأساسية. وإذ تقوم بلادُنا بذلك ، على الرغم من محدودية مواردها وإمكانياتها، فإنها تَفْعَلُ وفاءً وتجسيداً لتقاليدَ مغربيةٍ عريقةٍ في مجال الاستقبال والإدماج والتعايش.
ويمكن اعتبار سَنَتَيْ 2017 و2018 عَامَيْ الهجرة في المغرب بامتياز. إذ تميزَتَا باختيار صاحب الجلالة الملك محمد السادس نصره الله من طرف الاتحاد الإفريقي رائدًا للاتحاد في مجال الهجرة في إفريقيا. وفي ذلك، بدون شك، تقديرٌ لسياسة المغرب في مجال الهجرة واللجوء والإدماج التي حرص جلالتُه على إطلاقها ويحرصُ على تنفيذها، وتقديرٌ أيضالمقاربة ورؤية جلالته للظاهرة، فِيمَا سيلتئِمُ مُمَثِّلُو المجموعة الدولية بمراكش لإقرار أوسع ميثاق عالمي حول الهجرة.
واضاف المالكي “إذا كانت الهجرة تتصدر النقاش السياسي العمومي في البلدان الأصلية كما في بلدان الاستقبال، حيثُ تَضَعُ العديدُ من القوى السياسية هذا الموضوع في صدارة أَجَنْداتِها وبرامجها الانتخابية، فإن بعضَ التيارات، كما بعضُ الحكومات حَوَّلت الهجرة والمهاجرين إلى مَشْجَبٍ تُعلّقُ عليه الأزماتُ والمُعْضِلَاتُ التي تواجهها بعض المجتمعات.
هكذا مع كامل الأسف، تحولت الهجرة من حركة إنسانية، ومن دينامية تفاعل وتَلَاقُح وتواصل تُثري المبادلات البشرية وحركاتِ إِخْصَابٍ للمبادلاتِ والثقافاتِ وتجسيرٍ للعلاقات بين المجموعات البشرية، إلى شماعة تُعَلَّقُ عليها مختلف مشاكل بلدان الاستقبال والتحديات التي تواجهها. فعلى نَحْوٍ خاطئٍ تُقْرَنُ الهجرةُ بالتحدي الأمني وبالإرهاب، وباستفحال البطالة وارتفاع حجم الإنفاق العمومي على الخدمات الاجتماعية. والأخطرُ من كل هذا هو توظيف الهجرة، القانونية كما غير القانونية، لاسْتِجْداءِ أصوات الناخبين إِذْ أصبح المهاجرون بمثابة فَزَّاعَةٍ حضارية وهُوِّياتِيةٍ تُوظَّفُ سياسيا وانتخابيا لربح الأصوات من خلال خطاب انطوائي يفضل الانغلاق والتعصب، ويُمَجِّد كراهية الأجانب، وتَكُونُ مَطِّيَةً لاسْتِصْدارِ التشريعات التي تَحُدُّ من تَنَقُّلاَتِ البشر، خاصة في سياقٍ مطبوعٍ بمخاطر الإرهاب والتطرف….”