البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات: تكريس للرؤية الملكية من أجل إنعاش روح المقاولة
يشكل تخليد الذكرى الحادية والعشرين لاعتلاء الملك محمد السادس، عرش أسلافه الميامين، مناسبة سانحة للتوقف عند مختلف الأعمال والمبادرات التي أطلقها جلالته لتعزيز قدرات الشباب وضمان إدماج سوسيو-مهني أفضل لهم.
ووعيا من الملك بالمكسب الهام الذي يمثله الشباب والدور المركزي الذي يضطلع به في نجاح أي مشروع تنموي، لم يفتأ جلالته، مع مرور السنين، يعمل بحزم، بغية تمكين هذه الفئة من تحقيق ذاتها وطموحاتها من خلال تزويدها بوسائل متنوعة تمكنها من تحفيز روح المبادرة والمقاولة لديها، وتضمن لها الإدماج السوسيو- اقتصادي.
ويشكل البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات الذي تمت بلورته طبقا للتوجيهات السامية التي تضمنها الخطاب الملكي بمناسبة افتتاح الدورة الخريفية للبرلمان لسنة 2019، وإطلاقه من طرف صاحب الجلالة في 27 يناير الماضي، تكريسا جديدا لهذه العناية الملكية إزاء الشباب والرؤية الملكية للنهوض بروح المقاولة.
ويروم هذا البرنامج الذي يتضمن مجموعة من التدابير الموجهة لاستيعاب وتجاوز أهم الصعوبات التي تحد من ولوج الشباب حاملي المشاريع والمقاولات الصغيرة جدا والصغرى للتمويل، تمكين أكبر عدد من الشباب المؤهل، حاملي المشاريع، المنتمين لمختلف الفئات الاجتماعية، من الحصول على قروض بنكية، لإطلاق مشاريعهم، وتقديم الدعم لهم، للاستفادة من أفضل حظوظ النجاح.
كما يهدف إلى دعم المقاولات الصغرى والمتوسطة، العاملة في مجال التصدير، خاصة نحو إفريقيا، وتسهيل ولوج عموم المواطنين للخدمات البنكية، والاستفادة من فرص الاندماج المهني والاقتصادي، خاصة بالنسبة للعاملين في القطاع غير المنظم.
ويتوخى البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات أيضا، دعم المشاريع المقاولاتية في العالم القروي، لاسيما مشاريع المقاولات الصغرى أو الصغيرة جدا، سواء كانت فلاحية أو غير فلاحية، أو لمستثمرين ذاتيين، أو لشباب حاملي مشاريع، أو مشاريع شابة مبتكرة، أو استغلاليات فلاحية (أشخاص ذاتيون أو اعتباريون).
كما أن المشاريع الاستثمارية المستقبلية معنية بهذا التمويل، في إطار عملية تمليك الأراضي الجماعية.
ولضمان النجاح الكامل لهذا البرنامج، تم إحداث، في إطار قانون المالية لسنة 2020، الحساب المرصد للأمور الخصوصية “صندوق دعم تمويل المبادرة المقاولاتية”، وتزويده بغلاف مالي يبلغ 8 ملايير درهم، ممولة من طرف الدولة والقطاع البنكي وصندوق الحسن الثاني للتنمية الاقتصادية والاجتماعية.
ورافقت هذه المبادرة الملكية، التي تشجع ولوج الشباب حاملي المشاريع إلى التمويل، مجموعة من المبادرات الرامية إلى تقوية كفاءات الشباب، من خلال توفير تكوين ذي جودة وفق معايير مادية وبيداغوجية جديدة، تضمن نجاح عملية التكوين، وتأخذ بعين الاعتبار التقائية التكوينات مع الحاجيات الحقيقية لسوق الشغل، وترتقي بصورة التكوين المهني كرافعة للتنمية والتشغيل وتحقيق الإدماج الاجتماعي.
وتشمل هذه الدينامية أيضا أوراش الإصلاحات والتطوير التي يطلقها مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل، طبقا لخارطة الطريق الجديدة المتعلقة بتطوير التكوين المهني، الذي يشكل برنامج مدن المهن والكفاءات قوتها المحركة.
ويهم هذا البرنامج، الذي تم توقيعه في 6 فبراير 2020 برئاسة صاحب الجلالة الملك محمد السادس، بمبلغ استثماري بقيمة 3,6 ملايير درهم، إنجاز 12 مدينة للمهن والكفاءات على مستوى مختلف جهات المملكة، والتي ستعد بمثابة منصات متعددة الأقطاب والتخصصات للتكوين المهني، ستستقبل كل سنة 34 ألف متدرب.
وينضاف إلى هذا البرنامج الطموح إطلاق المكتب سنة 2019 لورش تحيين هندسة التكوين، الذي يخص جميع القطاعات، وسيمكن في أفق الدخول التكويني لسنة 2021، من توفير شعب جديدة وبرامج حديثة تستجيب لحاجيات المنظومات الاقتصادية القطاعية والجهوية، وذلك على مستوى مختلف المؤسسات التابعة للمكتب ومدن المهن والكفاءات.
وفي نفس الاتجاه، وتنفيذا للتعليمات الملكية السامية التي تحث على تعزيز تعلم اللغات الأجنبية وإدماج التكنولوجيا الحديثة في التكوين، اقتنى مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل نهاية سنة 2019، منصة لتعلم اللغات وفق نظام يجمع بين الوحدات الحضورية والتعلم عن بعد، سيتم تنزيلها ابتداء من الدخول التكويني المقبل.
من جهة أخرى، وفي إطار حرص مكتب التكوين المهني وإنعاش الشغل على الانخراط في البرنامج المندمج لدعم وتمويل المقاولات، يعمل المكتب، على وضع برنامج جديد، يهدف إلى تحسيس المتدربين بأهمية المبادرة المقاولاتية والتشغيل الذاتي، بموازاة مع تحديث البرامج الخاصة بحاملي المشاريع، إضافة إلى إسهام المكتب في برامج التأهيل الموجهة لإدماج القطاع غير المهيكل.
وهكذا، فإن العناية الملكية الموصولة بالشباب، التي تتميز بطابعها الشمولي ومتعدد الأبعاد، لا تضاهيها إلا إرادة جلالته الراسخة من أجل بناء مغرب متطور وتقديم إجابات ملائمة وناجعة لانشغالات وانتظارات المواطنين.