الملك محمد السادس يؤكد على الرهانات الجيو-سياسية للصحراء المغربية
أكد الأكاديمي كريستوف بوتان، مدير برامج مرصد الدراسات الجيو-سياسية بباريس، أن صاحب الجلالة الملك محمد السادس شدد بقوة ضمن خطابه بمناسبة الذكرى الـ 45 للمسيرة الخضراء، على “الرهانات الجيوسياسية “بالصحراء المغربية.
وكتب السيد بوتان على الموقع الفرنسي “تييتروم بيلي” أن الرهان الأول أمني، على اعتبار أن المنطقة “لا زالت تشكل موضوع نزاع من قبل العناصر الانفصالية المتواجدة على الأراضي الجزائرية”، مشيرا إلى أن المغرب “يعتبر أن انبثاق حل يمكن أن يتأتى في إطار مفاوضات متعددة الأطراف، تشمل أيضا البلدين الجارين موريتانيا، ولدواعي ألح الجزائر، المنخرطة بشكل خاص في دعم +البوليساريو+”.
وأكد الخبير الفرنسي أن هذه المفاوضات، كما ذكر بذلك جلالة الملك، “تتموقع بالضرورة في الإطار الأممي، وتقوم على أساس المبادرة المغربية للحكم الذاتي، وهو المخطط الذي سيمنح هذه الأقاليم، أولا وقبل كل شيء، تملكا حقيقيا لخصوصياتها داخل المملكة، في إطار لامركزية متقدمة، لكن أيضا وسائل إحياء هذه الهوية”.
وأشار السيد بوتان، الذي ذكر بأن هذه المقاربة، التي وصفت لمرات عدة ضمن الوثائق الدبلوماسية الأممية بـ “الواقعية”، إلى أن جلالة الملك أعرب عن أسفه لتصرفات جبهة “البوليساريو” التي تقوم منذ عدة سنوات، “سعيا إلى تسجيل الحضور على الساحة الدولية وتأمين بعض مصادر الدعم النادرة التي لا زالت تحظى بها”، بمضاعفة الاستفزازت “على مستوى المنطقة منزوعة السلاح الموجودة بين الجدار الدفاعي الذي أقامه المغرب قصد منع الاختراقات داخل أراضيه، وحدود البلدان الجارة، موريتانيا والجزائر، وهي “المنطقة العازلة” كما تم تحديدها في إطار اتفاقيات وقف إطلاق النار.
وحسب الخبير، منذ عدة سنوات، تعمل جبهة “البوليساريو” على نحو منتظم، بتنفيذ عمليات حصار في الجزء من المنطقة الواقعة بين النقطة الحدودية المغربية الكركرات والحدود الموريتانية، مع إخضاع المركبات التي تسلك الطريق الرابط بين المغرب وموريتانيا لعمليات مراقبة “لا ينبغي أن تنفذ -أو حتى تقوم مؤقتا بحظر المرور”.
وسجل السيد بوتان أن “جلال الملك لطالما رفض الإجابة على مثل هذه الاستفزازات، المدانة من طرف المجتمع الدولي، حيث أن الفعل الوحيد للقوات المسلحة الملكية على هذا المعبر خلال السنوات الأخيرة، يتمثل في محاولة تحسين أداء الشبكة الطرقية وإزالة هياكل العربات المتخلى عنها، والتي يتم استعمالها في أشكال متعددة من التهريب، مضيفا أنه وفقا لهذا التوجه، ذكر جلالة الملك في خطابه الأخير أنه من واجب القوات الأممية المتواجدة بالمنطقة السهر على تطبيق اتفاق وقف إطلاق النار (المينورسو)، والتدخل من أجل إعادة الأمور إلى نصابها.
وقال الخبير الفرنسي، إنه “في الوقت الذي تعتبر فيه منطقة الساحل، كما نعلم، منطقة يختلط فيها التهريب بجميع أنواعه مع الإرهاب، وذلك بكيفية متداخلة، يسعدنا أن نرى المغرب يراقب واجهتها الأطلسية بشكل فعال”، معتبرا في هذا السياق أن “منع استمرار الاستفزازات التي لن تؤدي إلا إلى إحداث شعور بعدم الاستقرار، ينبغي أن يشكل أولوية، ليس فقط بالنسبة لقوات حفظ السلام التابعة للأمم المتحدة، ولكن أيضا بالنسبة لجميع دول المنطقة وخارجها، لجميع أولئك الذين لديهم مصلحة في استقرارها”.
واعتبر أن “النقطة المهمة” الثانية في الخطاب الملكي تتعلق “بمراعاة البعد البحري لجنوب الساحل الأطلسي للمملكة، أكثر مما كان عليه الحال سابقا”، حيث يعتزم المغرب إنشاء ميناء لاستلام وتفكيك الحاويات، يعادل ذلك المقام على الساحل المتوسطي طنجة-المتوسط.
وحسب السيد بوتان، “لأنه سيؤدي بالضرورة إلى إنشاء منطقة خلفية مفتوحة للشركات، وبالنظر لأن آثاره ستمتد إلى منطقة نائية إفريقية يتعين تطويرها، فإن هذا مشروع يهم، فضلا عن المغرب، الجزء الغربي من منطقة الساحل التي تعرف نقاط ضعفها الاقتصادية”.
وخلص إلى أنه “بتقديمه لحلول واضحة تتيح استقرار وتنمية منطقة حساسة بشكل خاص، فإن الخطاب الأخير لملك المغرب، الذي يقيم عدة سنوات من سياسة المغرب بخصوص الصحراء ويفتح آفاقا للمستقبل، هو خطاب شريك قديم وذي مصداقية في المجال الأمني، ورئيس دولة يريد منح المفاوضات والحوار كل فرصه، في احترام لمبادئ الدبلوماسية الدولية. وفي العام 2020، في عالم تتكاثر فيه الصراعات والمخاطر، نحن في حاجة أكثر من أي وقت مضى بشكل جماعي إلى مثل هذه المقاربات”.
ومع