أية برامج انتخابية واعدة ومتقدمة لمغرب المخطط التنموي الجديد؟!
سياسي / بقلم رشيد لمسلم
فترة قصيرة تفصلنا عن أهم محطة سياسية ووطنية وتاريخية في حياة الوطن: محطة الاستحقاقات الانتخابية التي ستبتدئ في شهر غشت وستنبر من السنة الجارية، والتي يعقد عليها المغرب وكل المغاربة آمالا كبيرة في إفراز نخب وكفاءات قادرة على تدبير الشأن العمومي وإعطاء الانتداب الانتخابي كامل المصداقية والنزاهة بما يعكس ميثاق الشرف الأخلاقي والواجب الوطني، ومما ستفرزه صناديق الاقتراع من متغيرات في الخريطة السياسية المغربية في القريب العاجل.
ويبقى حلم الشعب المغربي هو ملامسة برامج انتخابية قادرة على تحقيق التغيير والبديل ؛ ومدى مراهنة الأحزاب السياسية على ترشيح الكفاءات والطاقات الوطنية الشابة الصادقة، ذوي الخبرات والكفاءات والنزاهة، القادرين على القطع النهائي مع زمن الريع السياسي الذي قاد الميدان السياسي الى الإفلاس في بلادنا والى التقوقع والتراجع عن الساحة الشعبية ..والتباعد السياسي في ظل تفشي وباء عدم الثقة وترشيح الانتهازيين والوصوليبن والمنتفعين من خزائن الشعب والدولة وانتشار مظاهر وتنوع التطاول على المال العام والتحايل على القانون وغيرها من التهم التي تمس خيانة الأمانة العامة المعروضة اليوم على أنظار المحاكم المختصة، ليبقى التغيير ممكنا لو تمكنت الأحزاب السياسية في تغيير رؤيتها للشعب بمختلف مكوناته وحساسياته وشرائحه الاجتماعية وأطيافه اللغوية وعملت على صياغة برامج قريبة من جس النبض المجتمعي وقادرة على معالجة أوضاعه والاهتمام باهتماماته وإشراكه في صناعة القرار دون إغفاله طول الأربع السنوات السابقة ويتم إعادة السيناريو بنفس الوجوه ونفس البرنامج ونفس النتائج.
للأحزاب السياسية اليوم مقياس درجة حرارة التغيير وأحوال الطقس السياسي المنتظر، وتحد كبير مع تستلزمه الإجراءات الاحترازية السارية المفعول في زمن كورونا، وتحديات كما أكدنا سلفا أمام إنجاح البرامج التنموية المحلية والإقليمية والجهوية التي تخلق نوعا من التكامل بين جهات الوطن (12)، وبما يليق بمستوى التطورات التي يعيشها المغرب وما ناله من ثقة المنتظم الدولي وانخراطه التنموي في القارة السمراء وانفتاحه على باقي القارات من خلال الدبلوماسية الخارجية الرسمية والموازية.
محطة أساسية على مستوى عاتق الاحزاب السياسية عليها حسن استثمارها، لا استغلالها!! من خلال مراجعة ذاتها الحزبية وغايات تأسيسها وماتحاط به من أدوار وواجبات دستورية..ومن خلال تقديم برامج انتخابية منبثقة من رحم المجتمع؛ برامج تمت بصلة بما يعيشه المغاربة من أوضاع اجتماعية واقتصادية وايكولوجية ، وما تعانيه فئات واسعة من إقصاء اجتماعي ، وبما تقتضيه الظروف الاقتصادية الوطنية من حلول عاجلة تتحلى بالواقعية والمصداقية والجدية، والقابلة للتصريف من خلال الخروج من أزمة (الشكارة) الى تخليق التعاقد الأخلاقي والرهان على تطبيق البرامج من خلال ترشيح الكفاءات لتنزيل البرنامج الانتخابي وإبرام التعاقد الاجتماعي والسياسي الحقيقي ..
محطة الاستحقاقات الانتخابية المقبلة ستكشف لنا الاحزاب السياسية عن برامجها الانتخابية التي ستعرض على عموم المواطنات والمواطنين وستعقد في شأنها صالونات للندوات الصحفية للتعريف بمضامينها.
وقد جرت العادة في تقصينا الصحفي قراءة مختلف البرامج الانتخابية للأحزاب السياسية خلال المحطات الانتخابية السابقة ، ولطالما لمسنا التشابه في المحاور والمحتوى في التغيير على مستوى التحرير والمنهجية اللغوية، هذا التشابه والذي أتى نتيجة الطبيعة التاريخية للانتخابات التي عرفها المغرب منذ فجر الإستقلال؛ قد تختلف هذه المرة في ظل تفشي الوباء والعمل على توجيه السياسات العمومية في أفق محاربة ومواجهة مختلف الكوارث المحدقة بالبلاد وإعادة الثقة بين المؤسسة المنتخبة والمواطن المحلي وإعادة بناء اقتصاد وطني قوي متمكن من مواجهة مختلف التحديات العالمية الراهنية والمستقبلية برؤى عميقة وخطوات ثابتة ونتائج متوقعة ومدروسة ومحبكة..
هل ستتمكن الأحزاب السياسية اليوم في وضع مقاربات برنامجية، ذات حمولات تحليلية و حلولا جذرية لمختلف الأزمات التي تعيشها القرى والحواضر؛ وتحمل نفسا وطنيا تنبعث منه بشائر التغيير والقضاء على أزمنة الفساد والتبذير؟
فالأحزاب السياسية في زمن ما قبل كورونا وخلاله كانت مدعوة لتقديم مقترحاتها بخصوص النموذج التنموي الجديد ، وسعت من خلال لقاءات التشاور إلى تقديم مذكرات ذات تصورات ومقترحات من أجل إغناء المشروع الملكي الرامي إلى تمتين الصرح الديموقراطي والبناء والتشييد وتحقيق التنمية المستدامة وعلى مختلف الواجهات الأصعدة، من أجل تطوير مكانة المغرب اجتماعيا وتاريخيا، واقتصاديا وتعزيز مكانته القارية والعالمية. وقدمت ما لديها من مقترحات تكاد تكون مغايرة ولو أنها كانت في اتجاهات موحدة..متقاربة إلى نحو ما ..وساهمت بذلك في إعطاء نفس جديد في المشروع التنموي الجديد الذي ننتظر ولادته في الأشهر القليلة المقبلة.
وهي كافية لتكون برنامجا انتخابيا بامتياز.
نعتقد في جريدة “سياسي” أن البرامج الانتخابية المنتظرة للأحزاب السياسية هذه السنة قد تغفل دورا أساسيا وركنا مهما من أركان الدستور، والمتصل بتفعيل دور الجهوية المتقدمة وإن كانت ستعمل على استحضاره ، وكيف وهل ستهتم بالبرامج الجهوية بأبعادها المادية واللامادية وترجمة احتياجاتها والحلول الممكنة لمختلف تراب جماعاتها؟
برامج تعكس مرارة الطبقات الهشة اجتماعيا وسبل الاستثمار وخلق آليات الشغل والعمل والتشجيع والتحفيز على التشغيل الذاتي وغيرها من البرامج التنموية الأساسية من مصالح صحية ومؤسسات تعليمية ودور للاطفال ودور للشباب وملاعب القرب وغيرها وسيادة الأمن والاستقرار ..برامج انتخابية تعكس لنا حقيقة مؤسسات منتخبة قادرة على الانصهار إلى منتهى درجات التذاوب مع انشغالات المواطنات والمواطنين وتطبيق القانون والمسؤولية والعمل الصادق في الارتقاء بالحياة العامة للساكنة، برامج تتعدى النظري والشفوي الى ما يستشعره المواطن ويتجاوب مع حمولاتها.