ميارة: التطرف العنيف واللاتسامح والكراهية هي الشحنات التي تتغذى منها الحركات الشعبوية والانفصالية التي بدأت تنتشر بشكل مقلق
قال النعم ميارة، رئيس مجلس المستشارين ورئيس الوفد البرلماني المغربي، في جلسة “المناقشة العامة” للجمعية 146 للاتحاد البرلماني الدولي حول موضوع:“تعزيز التعايش السلمي والمجتمعات الدامجة: مكافحة التعصب بالمنامة/مملكة البحرين، 11 إلى 15 مارس 2023 – “ما يعطي لجلستنا هذه أهمية كبرى هو انعقادها في سياق استثنائي إقليمي ودولي بالغ التعقيد، وذلك بسبب ما يعيشه العالم حاليا من تداعيات متعددة الأبعاد للوضع في أوكرانيا، وتدهور الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية والانسانية على المستوى الدولي بسبب تحديات التعافي من مخلفات جائحة كوفيد19، بالإضافة لتأثيرات تفاقم تغير المناخ والتي تهدد بعودة شبح المجاعات في بعض مناطق العالم، لاسيما في القارة الإفريقية وتدني مستوى الأمن الغذائي، وهي كلها عوامل تجعل من منسوب التوترات والاضطرابات والنزاعات عبر العالم، وبتأكيد من المنظمات الدولية ذات الصلة، مرتفعا جدا ومثيرا لقلق شديد بات يلقي بظلاله مجددا على عدة مناطق جيو-سياسية بالغة الحساسية.”
وأضاف ميارة” إن التطرف العنيف واللاتسامح والكراهية هي الشحنات التي تتغذى منها الحركات الشعبوية والانفصالية التي بدأت تنتشر بشكل مقلق في مناطق عديدة من العالم حيث تسود الهشاشة الأمنية وعدم الاستقرار،وتوجد على رأس هذه المناطق التي باتت فيها أسس السلم والعيش المشترك مهددة بشكل صريح منطقة الساحل جنوب الصحراء التي تواجه تحديات مستعصية للغاية تلقي بظلالها على مناطق جغرافية أوسع.”
وابرز ميارة “لذا، يستوجب الأمر تكثيف وتضافر جهود المنتظم الدولي لتمكين بلدان هذه المنطقة من إرساء دعائم متينة للسلم والسلام والعيش المشترك عبر اقتلاع جذور التطرف العنيف والتعصب والكراهية بما يمكن من تشييد مجتمعات دامجة لسائر المكونات الثقافية والدينية والسياسية، وذلك بمقاربة تستند على مرجعية حقوق الإنسان، وعلى قيم العدالة الاجتماعية والمجالية، وعلى الاحترام الكامل للرموز الدينية والثقافية لأممها وشعوبها، وتستند على مبادئ الحوار الدائم والمثمر لفض النزاعات بطرق سلمية بما يحترم السيادة الوطنية والوحدة الترابية لبلدان المنطقة.”
واكد ميارة”لقد انخرطت المملكة المغربية، باعتبارها من الأعضاء المؤسسين ل”تحالف الحضارات للأمم المتحدة”، في الجهود الدولية لتعزيز مبادئ السلم وترسيخ منظومة القيم والمثل العليا للعيش المشترك، وذلك نابع من صميم الهوية المغربية القائمة على الانفتاح والانسجام والتلاحم، والموحدة بانصهار مختلف مكوناتها العربية الإسلامية، والأمازيغية، والصحراوية الحسانية، والغنية بروافدها الإفريقية والأندلسية والعبرية والمتوسطية،ومن الرغبة الأكيدة في الحفاظ على مكانة المغرب كأرض للتسامح والتعايش والانفتاح.”
وأضاف ميارة” ووعيا منه بالدور المنوط به في هذا الصدد، فقد تقدم المغرب إلى الجمعية العامة للأمم المتحدة بالقرار الذي اعتمدته تحت رقم 73/328 بشأن “النهوض بالحوار بين الديانات والثقافات وتعزيز التسامح من أجل مناهضة خطاب الكراهية”. وقد نوه هذا القرار، الذي دعمته 90 دولة، بأهمية “خطة عمل فاس لمنع التحريض على العنف المحتمل أن يؤدي إلى جرائم وحشية.”
وفي هذا الإطار، يقول ميارة” اسمحوا لي أن أعرض عليكم مقتطفا من الرسالة السامية التي وجهها صاحب الجلالة الملك محمد السادس، نصره الله وأيده، رئيس لجنة القدس إلى المشاركين في الدورة التاسعة للمنتدى العالمي لتحالف الحضارات الذي احتضنه مدينة فاس يومي 22 و23 نونبر 2022، حيث أكد جلالته:
“في هذه اللحظة الفاصلة من تاريخ البشرية، والتي ننكب فيها على التصدي للتغيرات المناخية، ومحاربة الإرهاب، ونبذل قصارى الجهود من أجل تحقيق التنمية المستدامة والأمن المائي والطاقي والغذائي، ومن أجل التنمية بصفة عامة، ينبغي لنا أن نعود إلى ما هو جوهري وأساسي في هذا الشأن، ألا وهو العيش المشترك.فلا خير يرجى من إطلاق مشاريع كبرى إذا كنا لا نستطيع تجاوز هذه الحلقة الأولى على درب تحقيق العيش المشترك، من أجل إنسانية واحدة تعيد وضع الكائن الإنساني في صلبها.” إنتهى المنطوق الملكي السامي.”
وقال ميارة ” إن هذه القيم والمبادئ هي التي توجه عملنا داخل البرلمان المغربي وأيضا داخل المنظمات البرلمانية والمحافل الإقليمية والدولية التي نشارك فيها لترقية وتعزيز قيم ومبادئ التعايش السلمي وتدعيم بناء المجتمعات الدامجة ومناهضة مختلف أشكال التعصب والتطرف والكراهية. وهي نفس القناعة الراسخة التي جعلت البرلمان المغربي يقرر تنظيم “الندوة الدولية حول حوار الأديان”، بتعاون مع الاتحاد البرلماني الدولي ومنظمة “أديان لأجل السلام”وتحالف الحضارات للأمم المتحدة والرابطة المحمدية للعلماء، وذلك في يونيو القادم بمدينة مراكش. ونحن على يقين أن هذه الندوة الهامة ستشكل فرصة لتعزيز سعينا الجماعي لإرساء مجتمعات دامجة لمختلف مكوناتها الاجتماعية، وتقوية السلم والعيش المشترك بين الشعوب والأمم من خلال حوار دائم ومنتج بين الحضارات والثقافات والأديان.
فمن قلب العاصمة المنامة، وباسم البرلمان المغربي، نقول لكم مرحبا بكم في يونيو المقبل في الندوة البرلمانية الدولية حول حوار الأديان التي ستنعقد بمراكش، أرض التسامح والسلام والعيش المشترك.”يقول ميارة