رضوان القادري: احتفالات عيد العرش مناسبة لتجديد البيعة للملك محمد السادس ..ومغاربة العالم يؤكدون ولائهم الدائم للملك والوطن
سياسي: الرباط
في إطار الإحتفال بعيد العرش المجيد بوصفه مناسبة وطنية نعرب فيها عن الولاء والإخلاص لملكنا الهمام أعز الله أمره، ونجدد فيها البيعة لأميرالمؤمنين حفظه الله، يسعدنا في هذه الحلقة من برامجنا الإعلامية أن نستضيف الدكتور رضوان الشريف القادري رئيس جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج، والمتخصص في العلوم السياسية والمحلل السياسي الدولي، ليحدثنا عن البيعة وإمارة المِؤمنين وهو يجيب عن مجموعة أسئلة “سياسي” .
السؤال الأول : ماذا تعني كلمة البيعة في المغرب؟
السؤال الثاني : كان نظام الحكم دائما عندنا في المغرب قائما على مبدإ إمارة المؤمنين، حدثنا بشىء من التفصيل عن هذا الموضوع.
سؤال ثالث: كما نريد أن نعرف ما هي استعداداتكم في “جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج” التي تترأسونها للاحتفال بعيد العرش المجيد.
***************
كان من المقرر طرح أسئلة أخرى على ضيفنا الدكتور رضوان القادري في هذا اللقاء الهام، إلا أن أجوبته كانت شاملة لكل جوانب الموضوع، وأنّ القصيدة الشعرية جاءت بمثابة مسكِ الختام، وبهذا، سيداتي وسادتي، نكون قد وصلنا إلى نهاية هذا اللقاء الإعلامي، شاكرين لضيقنا الكريم تلبية الدعوة إلى هذا البرنامج، ولكم حُسن الإصغاء. وهكذا، نستودعكم الله الذي لا تضيع ودائعه ، ونضرب لكم موعدا آخر إن شاء الله.
سؤال الأول : ماذا تعني كلمة البيعة في المغرب؟
الجواب
أشكرك، سيدي الكريم على هذه الدعوة إلى برنامجك الإعلامي، وحرصا على الوقت، ومن غير مقدمة، أبادر إلى الجواب على السؤال الأول.
أحسنتِ بقولِك ” البيعة في المغرب ” لأن البيعة هي ظاهرة سياسية ينفرد بها المغرب من منطلق حضارته الإسلامية المتميزة عبر العصور.
فهي سنة حسنة اتبعها السلاطين المغاربة الذين حكموا المغرب منذ أقدم العصور، فبقيت إلى يومنا هذا ضمن التقاليد المرعية كركيزة أساس اعتمدها دائما السلاطين المتعاقبون عل حكم البلاد، لأن عقد البيعة من الناحية الشرعية تعطي لنظام الحكم مصداقية.
وعلى هذا الأساس، فإنه يُفتَرضُ قي البيعة أنها متجددةٌ ضمنيًا لدى الرعية باستمرار par tacite reconduction تجددا يَستوجبُ السمعَ والطاعةَ في المعروف والمَكْرَهِ والمَنشَطِ لولي الأمر وتقديمَ النُّصْحِ له، لأنه مكلف بالعزم والحزم من قِبل الله ليقوم بأمر هام هو حراسةُ الدين وسياسة الدنيا حِفاظا على بيضة الإسلام، كما ورد ذلك في كتاب “الأحكام السلطانية والولايات الدينية” للقاضي أبي الحسن علي الماوردي، وهومؤلَّفٌ رفيع المستوى وأشمل كتاب في مجال نظام الحكم وسياسة الرعية.ا
السؤال الثاني : كان نظام الحكم دائما عندنا في المغرب قائما على مبدإ إمارة المؤمنين، حدثنا بشىء من التفصيل عن هذا الموضوع
الجواب على السؤال الثاني :
صحيحٌ أن الأنظمةَ التي تعاقبت على حكم المغرب كان يوجد دائما على رأسها خليفة أو سلطان يحكم البلاد انطلاقا من المبايعة كسند شرعي ومن وضعيتِه السياسية والشرعية كامير للمؤمنين.
ومما لا شك فيه أن هذه الصفة كانت ولا زالت من ابرز صفات الذين حكموا المغرب إما كخلفاء او كسلاطين او كملوك، وذلك ابتداءً من الشرفاء الأدارسة ومُروراً بسلاطين الدول اللاحقة وانتهاء بالدولة العلوية الشريفة رعاها اللهُ وحَرَسها والمَلكَ الهُمامَ الجالسَ على العرش اليوم بعينِه التي لا تنام، وبِما حَفظَ به الذكرَ الحكيم. فكل هذا يجعل من فكرة إمارة المؤمنين ظاهرة سوسيو-ثقافية شرعية راسخة في الأذهان وفي التقاليد المرعية ببلادنا بكيفية تعطي للنظام المغربي شرعية التماسك والمتانة والاستقرار وتُوطِّدُ أوَاصِرَ البيعة المتجددة على مَرِّ السنين، وتَجعلُ مِن نظامِ الحُكمِ بالمغرب، في ارتباطه بالأمراطورية المغربية العظمَى المستمرة منذ قرون، نظاما متميزا في العالم الإسلامي اليوم. وهكذا، فإن نظامَ الحُكمِ بالمغرب القائم على روابطِ البيعةِ المتينة والمتجددة باستمرار، وكذا على ظاهرة إمارة المؤمنين المستمدة من التقاليد الشرعية والأحكامِ الفقهية، هو نظامٌ يُعتبَرُ نسيجَ وَحْدِه، وليس له مثيل اليوم. Notion sui generis
ومن اللافت للنظر، كملاحظة أخيرة في هذا الصدد، أن الأمبراطورية المغربية العظمي لم تكن تابعة في يوم من الأيام لا إلى الخلافة العباسية ولا إلى دولة المماليك ولا إلى الخلافة العثمانية، وهذا ما كان دائما يُقَوّي سياسيا مكانةَ أميرِالمؤمين في الحِقَب التاريخية السابقة، وما يُعطي اليومَ لظاهرة إمارةِ المؤمنين بُعدَها التاريخي ويُدَعِّمُها كفلسفة للحُكم.
سؤال ثالث: كما نريد أن نعرف ما هي استعداداتكم في “جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج” التي تترأسونها للاحتفال بعيد العرش المجيد.
الجواب على السؤال الثالث :
إن الاحتفال بعيد العرش المجيد سلوكٌ معهودٌ عند الأخوةِ المغاربةِ المقيمين بالخارج والمنضوين تحت لواءِ”جامعة الكفاءات المغربية المقيمة بالخارج”، وهم معروفون بإخلاصهم للعرش العلوي المجيد وبالمتربعِ عليه حضرةِ أميرِ المؤمنين صاحبِ الجلالةِ الملكِ محمدٍ السادس أعزَ اللهُ أمرَه ونصره.
ونظرا لأننا نستعد في الرابطة المذكورة أعلاه لتنظيم المؤتمر الخامس للجالية المغربية بالخارج هذه السنة لأول مرة بأرض المملكة المغربية تحت رعاية سمو ولي العهد رعاه الله، فستكون الفرصة سانحة، إن شاء الله، آنذاك لتجديد البيعة لسيد البلاد أعز اللهُ أمرَه وتقديم المزيدِ مِن فروضِ الولاءِ والطاعةِ، كالمعهود دائما.
وأرجو، في هذا الصدد، أن تسمحي لي، في الأخير، بقراءة أبيات شعرية من قصيدة في هذا الموضوع للشاعر المكي أبو الشمائل، فهي تنطبق مَعنًى ورُوحاً على ما أقوله هنا في مسألة البيعة وما يتعلق بها.
ولكن لا تسألني عن معنى بيت من أبيات القصيدة أو كلمة من كلماتِها، إذ أنَّ الشاعرَ وحدَه هو المؤهلُ للجواب على مثل هذا السؤال.
والآن، فإلى هذه القصيةِ الشعرية التي تُقرأ في دقيقتَيْن اثْنَتَىْن فقط :
من وَحْىِ البيعة.
مَليكُ مَنِ اصْطَفاكَ وَلِىَّ أمْرٍ
بهَذي الأرضِ قُلْتُ اخْتارَ حُرّا
لِيخْدُمَ خَلْقَه والنصْرُ آتٍ
مِنَ المَوْلَى وأنت تُطِيعُ أمْرَا.
تُبايِعُك الجُموعُ وكُلَّ عامٍ
تُجدِّدُ بَيعةَ الرِّضْوانِ نَصْراَ
لِمَنْ فِينا يُشيِّدُ للمَعالي
صُرُوحَ العِزِّعِزًّا مُسْبَطِرَّا،
ويَسْعَى بالمَبَرَّةِ والتّفاني
لِيُسْعِدَ شَعبَه بالعَيشِ يُسْراَ…
أميرَ المؤمنينَ فأنت خِلْصٌ،
وكنتَ كمُخْلَصٍ فَعَلَوْتَ قَدْرا.
فإنك مِنْ نَقَاوَةِ خَيْرِ خَلْقٍ
تُمَجَّدُ بَينَنا فَذّاً وبَدْرا،
تُنَاوِلُ ما بِه الحاجاتُ تُقْضَىُ
ونحنُ نَرَى مَسَاعِيكَ الغُرَّ خَيْرا…
ونَنْصُرُ فيك عِـتْرَةَ مَنْ أتَانا
بدِينِ اللهِ، نَرْضَى الدِّينَ ذُخْرا،
وما كالدِّينِ فَوْزاً في حياةٍ
هُنا وهُناكَ كالمَعلومِ بُشْرَى.
ألاَ فٌينَا ابْـقَ غِطْرَافًا مُطَاعًا
لِيَبْقَى المَغربُ الأقصَى مَقَرّا
بِهِ الأمجادُ تَرْبُو حَيْثُ َضَرْبٌ
مِنَ الآلاَءِ مُمْكِنَةً لَـتَـتْـرَى…