محمد ولد الرشيد: المملكة المغربية جعلت من تعزيز موقعها الإقليمي في القارة الإفريقية واحدا من أهم أهدافها السياسية والجيو_استراتيجية العامة
قال محمد ولد الرشيد، رئيس مجلس المستشارين في الجلسة الافتتاحية لمؤتمر المستقبل يوم، 17 دجنبر 2024، إن استضافة المملكة المغربية لهذه النسخة من المؤتمر تأتي أيضا في إطار إشعاع هذه المبادرة داخل القارة الإفريقية، خصوصا وأن المملكة المغربية جعلت من تعزيز موقعها الإقليمي في القارة الإفريقية واحدا من أهم أهدافها السياسية والجيو_استراتيجية العامة، القائمة على اعتبار التعاون جنوب-جنوب ودعم المبادرات التنموية والتضامنية، كأحد أركان السياسة الإفريقية للمغرب.
وفي هذا السياق، يضيف رئيس مجلس المستشارين، ” لا يخفى عليكم أهمية المبادرات الاقتصادية والسياسية الكبرى التي أطلقها المغرب خلال السنوات القليلة الأخيرة في علاقته بدول إفريقيا جنوب الصحراء، بمبادرة ورعاية سامية من صاحب الجلالة الملك محمد السادس حفظه الله، من بينها مشروع أنبوب الغاز نيجيريا المغرب، ومبادرة تعزيز ولوج بلدان الساحل إلى المحيط الأطلسي ، والتي من شأنها تعزيز أسس الاستقرار في المنطقة ومعالجة القضايا المرتبطة بالهجرة والأمن والتنمية.
وقال رئيس مجلس المستشارين” إن الفكرة التي نجتمع حولها اليوم، هي أن المصير الإنساني مشترك، وأن التحديات التي تواجه الوجود الإنساني اليوم أضحت تتخطى الحدود التقليدية؛ إنها تحديات عابرة لحدود الجغرافيا وللخصوصيات المحلية والثقافية؛ تحديات لا يمكن اختزالها في مجرد قضايا تقنية تحل بمعادلات رياضية أو سياسات قطاعية، بل هي قضايا وجودية تمس جوهر الإنسانية ووجودها، فالتغير المناخي، على سبيل المثال، هو نتيجة للاختلال في علاقة الإنسان بالطبيعة، وهو تحدي يضعنا أمام مخاطر كبرى. والمغرب يعي حجم هذه المخاطر، من خلال حرصه على تبني توجه استباقي قائم على استراتيجيات تنموية، لتعزيز الجهود الرامية إلى ضمان السيادة الطاقية، وتسريع وتيرة التحول إلى الاقتصاد الأخضر، لا سيما على مستوى الاستثمار في الطاقات المتجددة، وفق أهداف “الخطة الوطنية منخفضة الكربون طويلة الأمد 2050″، التي قدَّمها المغرب للأمم المتحدة في نهاية عام 2021.
ولا يقتصر الالتزام على قضية المناخ فحسب، يبرز رئيس مجلس المستشارين، بل يمتد ليشمل الأمن الغذائي، خصوصا في ظل الاكراهات والتغيرات المناخية والنزاعات الإقليمية، و بلادنا لعبت وتلعب دورا رياديا بقيادة عاهل البلاد، حفظه الله وأيده، في إطلاق ودعم عدد من المبادرات التنموية والتضامنية الهادفة إلى تطوير الشراكات بين عدد من مناطق ودول العالم، وخصوصا المنطقة العربية والإفريقية وأمريكا اللاتينية والكارييب، وعلى رأسها المبادرة من أجل تكييف الفلاحة الإفريقية مع التغيرات المناخية، التي تعرف بمبادرة “Triple A» التي أطلقها جلالته بمناسبة قمة المناخ “كوب 22″.
واضاف رئيس مجلس المستشارين” من القضايا التي ستستأثر باهتمام المشاركين مسألة السلم والأمن الدوليين، والمملكة المغربية أظهرت على الدوام التزاما ثابتا ودائما لفائدة حفظ السلام والأمن في العالم، وذلك انسجاما مع رؤية ملكية متبصرة للسياسة الخارجية المغربية، المرتكزة على الالتزام بالعمل المشترك، وتكريس قيم التضامن الفاعل والتعاون البناء، ونشر قيم الحوار والسلم والتعايش في العالم، والمساعدة على إقراراهما حفاظا على الأمن ونبذا للصراعات والحروب، والتشبث بالحل السلمي للنزاعات، واحترام سيادة الدول ووحدتها الترابية وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى.
أما فيما يتعلق بقضية الهجرة، فهي ليست مجرد أزمة عابرة، بل ظاهرة أضحت تتخذ أبعادا مقلقة، وتتطلب إدارتها رؤية إنسانية شاملة توازن بين السيادة الوطنية وحقوق المهاجرين. والمغرب، يقدم نموذجا يمكن أن يحتذى به في هذا الاطار، ولا أدل على ذلك، التوافق الدولي حول “الميثاق العالمي للهجرة الآمنة والمنظمة والمنتظمة”، الذي تم اعتماده خلال الاجتماع رفيع المستوى المنعقد بمدينة مراكش في دجنبر 2018، والذي شكل لحظة تحول تاريخية في التعاطي مع قضية الهجرة.
وقال رئيس مجلس المستشارين ” ثمت قضايا أخرى لا تقل أهمية، كالصحة، والمساواة بين الجنسين، وقيم التسامح، والذكاء الاصطناعي والتحولات في مجال العلاقات الإنسانية والروابط الاجتماعية، وغيرها من المواضيع ذات الصلة بالمحاور المطروحة على جدول أعمال هذا المؤتمر، والتي لا يسعنا الوقت لتناولها.وإنني على يقين تام أن هذا المؤتمر، بجلساته الإحدى عشر (11) المتكاملة والمتقاطعة، وبتعدد وتنوع المساهمين والمشاركين فيه، سيشكل فرصة مناسبة لمتاقشة مختلق هذه القضايا، وتغذية ذكائنا الجماعي بالأفكار والتصورات الداعمة لطموحنا المشترك في مواجهة مختلف التحديات التي تواجه الإنسانية.