الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة = الحق في الحياة
الحكومة تستهتر بصحة وحياة المرضى و المريض هو من يدفع الثمن بسبب الاضراب المفتوح للأطباء الداخليين والمقيمين ومقاطعة طلبة كليات الطب والصيدلة للدروس وللتداريب السرسرية والتهديد بسنة بيضاء .
تذمر وسخط كبيرين وسط المرضى المترددين على المستشفيات العمومية وعائلاتهم الدين لا خيار لهم الا هذه المستشفيات بسبب العوز وظروفهم المادية التي لا تسمح لهم باللجوء الى المصحات الخاصة.
يواصل الأطباء الداخليون والمقيمون اضرابهم المفتوح بجميع مرافق المستشفيات العمومية الجامعية باستثناء المستعجلات واقسام الطوارئ لاستقبال الحالات الحرجة ، مع رفضهم توقيع ووضع خاتمهم على الوصفات الطبية ووثائق الكشف الطبي والتشخيص و على تقارير العمليات الجراحية المستعجلة ، ومختلف الخدمات الطبية المقدمة لفائدة صناديق التامين ، من أجل اعتمادها في تسجيل النفقات الصحية او من اجل تمكين المريض من استرجاع المصاريف من لدن مؤسسات التامين الصحي . وهو ما تسبب فعلا في حالة من الارتباك والخلل والشلل الكبير بهذه المستشفيات، وتأثير سلبي على برامج تقديم الخدمات الصحية الاستشفائية، وتعطيل برامج الجراحة واطالة أمد مواعيد التشخيص البيولوجي والراديولوجي … وهو ما يهدد حياة المرضى وصحتهم ويساهم في الرفع من نسبة الوفيات من بين الحالات المزمنة .
كما يستمر طلبة كليات الطب والصيدلة في مقاطعة الدروس والتداريب السريرية ، بسبب محاولة وزارة الصحة انزال وفرض ” مشروع الخدمة الصحية الاجبارية” على الخريجين الجدد من كليات الطب والصيدلة بالقطاع العام ، رغم مخالفته لأحكام الدستور. فضلا عن ملفهم المطلبي المشروع المعروض على انظار الحكومة منذ سنة 2012 دون جدوى أو التفاف ، بالنظر الى ضعف اجورهم وهزالة المنحة التي تصرف للطلبة بكليات الطب والصيدلة ، رغم مساهمتهم الواسعة في السنوات الأخيرة من الدراسة في العملية الصحية. ملف مطلبي مشروع يطالبون من خلاله بتحسين ظروف عملهم المتردية و أوضاعهم المالية والوظيفية والتعليمية.
فأمام غياب الحوار الجدي و المؤسساتي مع الأطباء والطلبة الأطباء ، ومواصلة وزارتي الصحة والتعليم العالي نهجهما لأسلوب و سياسة الهروب الى الأمام، وعدم ايلائهما الاهمية الانسانية لحياة المرضى والمسؤولية الملقاة على عاتقهم في ضمان الأمن الصحي للمواطنين ، يستمر الاحتجاج على القرار الحكومي الترقيعي المتعلق بإجبارية الخدمة الطبية لمدة سنتين في المناطق النائية، دون ضمانات التوظيف والإدماج ، وحصر هذا القانون فقط على الأطباء خريجي القطاع العام واستثناء خريجي القطاع الخاص .وبالتالي على كل الأطباء الحاليين الداخليين والمقيمين وطلبة كليات الطب قضاء 9 سنوات من التكوين والتدريب بدل 7 سنوات الحالية التي اصبحت متجاوزة في العديد من الأقطار، ليختاروا فيما بعد مصريهم بعد بلوغهم ما فوق الخامس والثلاثين من العمر ،وهي سابقة وحالة منفردة في العالم .
وفي ظل هدا الاضراب المفتوح ، لم يستطع الأساتذة الأطباء تعويض عمل الأطباء الداخليين والمقيمين ،الدين يتحملون الأعباء الكبرى بكافة المستشفيات العمومية، ولا تامين هذا الفراغ الخطير الذي اصاب المستشفيات العمومية بالشلل التام ،والمرضى المعوزون يدفعون ثمن استهتار وزارة الصحة بأرواحهم . حيث أن عشرات المرضي يصطفون في طوابر يومية داخل أقسام الاستقبال دون جدوى . ودون الحصول على سرير للاستشفاء او ميعاد جديد للتشخيص بالسكانير ،الذي تجاوز السنة في عدد من المراكز الاستشفائية. ونساء واطفالهن و حوامل يفترشن الأرض لأجل الوضع او للمطالبة بعلاج أطفالهن في مستشفيات الأطفال. محرومون من متابعة العلاج الطبي بسبب الاضراب المفتوح .والدي تتحمل مسؤوليته الأولى وزارة الصحة صاحبة المشروع والسياسة الصحية الفاشلة والمدمرة للقطاع الصحي الوطني.
ان المستشفيات العمومية تعيش اليوم وضعية خطيرة ، خلقت تدمرا كبير وسط المرضى وعائلاتهم الدين لا خيار لهم الا المستشفيات العمومية الفقر و العوز وظروفهم المادية التي لا تسمح لهم ولا تمكنهم من التردد على المصحات الخاصة. وبالتالي فالمريض هو من يدفع الثمن. وهي الوضعية التي فتحت كذلك الباب على مصرعيه لتحويل وتوجيه ونقل المرضى الى المصحات الخاصة للاستنزاف جيوبهم.
فبالإضافة الى رفضهم مشروع قانون الخدمة الصحية الاجبارية ، يعاني الأطباء والطلبة الأطباء ومعهم الممرضون والممرضات، أيضا من عدة مشاكل، منها ضعف الأجور والمنح والتعويضات وغياب الحوافز المادية والصعوبات والمخاطر التي تواجه العاملين بالمناطق النائية وهوامش المدن ، فضلا عن ظروف العمل الشاقة والمزرية حيث ان ما يزيد عن 280 مؤسسة صحية : مستوصف ومركز صحي بالعالم القروي تفتقد كل المواصفات الانسانية للصحة والطب الحديث و تم بنائها بمواد مسرطنة وخاصة مادة الأميانت amiante، ولا تتوفر لا على الماء الصالح للشرب أولا على الكهرباء او خطوط الهاتف ، فضلا عن غياب الأدوية والمستلزمات الطبية ووسائل النقل وسيارات الاسعاف لنقل الحالات المستعجلة الى اقرب مستشفى ، مما عرض بعضهم للاعتداء من قبل أسر المرضى بسبب هذا الخصاص .
وضعية صحية تتسم بالتردي بتفاقم ازمة الاختلالات والتردي والتراجع على مختلف المستويات بسب ضعف ميزانية وزارة الصحة ، وعدم توزيعها توزيعا عادلا على الجهات الصحية حيث ظلت محصورة في رقم لا يتجاوز 13 مليار درهم سنويا تخصص 50 في المائة منها للمستشفيات و30 في فقط للعلاجات الأولية. إذ لا يتجاوز التمويل العمومي لوزارة الصحة 5% من ميزانية الدولة، (1.43 من الناتج الداخلي الخام) أي ان النفقات الصحية لكل مواطن لا تتعدى 230 دولارا للفرد في المغرب مقابل 400 في تونس، و300 دولار في الجزائر .فيما تستمر الأسر بالمساهمة من جيوبها في النفقات الاجمالية للصحة بنسبة تفوق 54 في المائة. كما أن مناصب الشغل المخصصة للقطاع الصحي العمومي في اطار الميزانية السنوية لم تتجاوز 2000 منصب شغل توزع على الأطباء والممرضين والتقنيين الصحيين والأطر الادارية .
ان الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة الحق في الحياة امام تعطيل الحوار بين الحكومة والأطباء الداخليين والمقيمين والتهديد بسنة بيضاء في كليات الطب والصيدلة ، وما لذلك من تأثير يومي خطير على صحة وحياة عشرات الألاف من المرضى المترددين على المستشفيات العمومية فإنها تدعو الحكومة للإسراع في فتح باب الحوار والتفاوض ، والتفكير الجدي في مراجعة واعادة النظر في مشروع الخدمة الصحية الاجبارية لعدم جدواه على المدى البعيد والمتوسط وباعتباره غير عادل ومنصف للأطباء الداخليين والمقيمين والطلبة بالقطاع العام. فضلا عن كونه لن يعالج الاشكالية الحقيقية والأزمة البنيوية والهيكلية التي يعاني منها النظام الصحي الوطني وبحكم أن علاج واصلاح أعطاب المنظومة الصحية يتطلب مقاربة شمولية ومندمجة. منها أساسا مسالة التمويل بالرفع من ميزانية وزارة الصحة من 5% إلى 15% حتى يتسنى للأطباء والممرضين تقديم خدمات طبية مميزة لجميع السكان وبنفس الجودة المطلوبة طبيا وعلميا ومن خلال توفير مناصب الشغل الكافية للأطباء والممرضات والممرضين والقابلات والتقنيين الصحيين. وتوزيعهم على الجهات الاثني عشر وفي كل المناطق الحضرية والقروية وفق الحاجيات المعبر عنها ، وبناءا على خريطة صحية حقيقية ومؤشرات ديمغرافية ووبائية واجتماعية .وتوفير كل ما يحتاجه الفريق الطبي من ادوية وادوات ومستلزمات طبية للعلاج والوقائية. كما ندعو الحكومة الى والعمل على تحقيق الحوافز للأطباء والممرضين والأطر الادارية والتقنية بالقطاع الصحي حتى يتمكنوا من أداء عملهم ورسالتهم النبيلة فى مناخ صحى أمن ومناسب يتماشى مع تطورات المجتمع والتطورات العلمية والطبية والبيوطبية و باحترام تام لأخلاقيات المهنة بمفهومها الواسع، بهدف أنسنة العلاجات بالقطاع الصحي الوطني بشقيه العمومي والخاص ومن اجل توقيف نزيف الأخطاء الطبية القاتلة التي اضحت تهدد حياة المرضى بعدد من المصحات والمستشفيات.
علي لطفي
رئيس الشبكة المغربية للدفاع عن الحق في الصحة = الحق في الحياة