يعيش الاتحاد الاشتراكي على إيقاع صراعات داخلية، باتت تهدد وحدته، وتفتح الأفق أمام الانشقاق من جديد، وكأن قدر حزب القوات الشعبية أن يواجه مع كل استحقاق انتخابي، معارك وخلافات داخلية.
وإذا كانت القيادة الحالية تدفع بضرورة إعادة بناء الحزب على أساس المؤسسات والقوانين، فإن المعارضين لها يرفضون أن تكون مأسسة الحزب على حساب الديمقراطية الداخلية والشفافية، والحق في الاختلاف.
دينامية حزب وأزمة تدبير
لشكر يعتبر أن الاتحاد ينتقل إلى حزب المؤسسات ومعارضوه يتهمونه بالانفراد بالقرار
ترفض قيادة الاتحاد الاشتراكي وصف الوضع الذي يعيشه الحزب، في ضوء الصراعات الداخلية، والانسحابات المتتالية، قبل وبعد الانتخابات الجماعية الأخيرة، بالأزمة، كما يذهب إلى ذلك معارضو الكاتب الأول، والذين طالبوا في خرجات إعلامية باستقالة الكاتب الأول والمكتب السياسي، وتحميله مسؤولية الصورة التي أصبح عليها حزب القوات الشعبية.
ويرى ادريس لشكر، الكاتب الأول للاتحاد، أن الوضع التنظيمي للحزب لا يبعث على القلق، بل يعكس دينامية تنظيمية، وأن القيادة بعد تقييم الوضع السياسي والتنظيمي في اجتماع المجلس الوطني، قررت الدعوة إلى ندوة، أو ملتقى للأطر الاتحادية، التي، لسبب أو لآخر، توقفت عن الحضور في الحزب، من أجل مناقشة الوضع التنظيمي، واستعادة مكانها في الحزب، خاصة أن القيادة لم تسمع من أغلب الغاضبين فكرة سياسية واحدة مخالفة، أو مقترحا سياسيا، معتبرا أن كل الخلافات مؤسسة على ما هو شخصي، وما هو تنظيمي.
كما يسعى الاتحاد إلى إنهاء الخلاف مع برلمانييه، من خلال دعوة الجميع إلى طي الصفحة، والإعداد للانتخابات التشريعية المقبلة، والانخراط في معركة إصلاحات المنظومة الانتخابية، باعتبارها جزءا من الإصلاحات السياسية التي يسعى الحزب بتنسيق مع حلفائه إلى فتح أوراشها.
وعلى النقيض من رؤية ادريس لشكر، ترى وفاء حجي، عضو المكتب السياسي للاتحاد، ورئيسة الأممية الاشتراكية للنساء، “أن القيادة الحالية للحزب، رغم سقوطها المدوي في انتخابات 4 شتنبر، الذي يشكل إدانة لها، فإنها تصر على عدم احترام المنهجية الديمقراطية، التي تقتضي تقديم استقالتها، وتتشبث بالاستمرار في نهجها التسلطي ببقائها على رأس الحزب، بما سيلحقه من أضرار كبيرة به”.
وترى وفاء حجي أن وضع حزب القوات الشعبية، وطبيعة الإخفاقات السياسية والتنظيمية التي صارت تطغى على فضائه الداخلي، تؤكد انحراف الزعامة الحالية عن جوهر الفكرة الاتحادية، وتنكرها لجميع مقررات المؤتمر الوطني التاسع للحزب التي أقرها الاتحاديات والاتحاديون، أفقا للعمل من أجل الحداثة والديمقراطية والمساواة، بغية تجديد الاختيارات السياسية والتنظيمية للمشروع الاتحادي الاشتراكي الديمقراطي.
وإذا كان لشكر يؤكد أن معارضيه لا يمتلكون فكرة سياسية واحدة، وأن أغلب خلافاتهم مع القيادة الحالية هي شخصية وذات أسباب تنظيمية، مرتبطة بمحطات محددة، فإن بعض الأصوات، على النقيض من ذلك، ترى أن خلافها مع الكاتب الأول، والمكتب السياسي، له أيضا مضامين سياسية، تتعلق بالخط السياسي الذي نهجه المكتب السياسي، والذي يتناقض، حسب أصحاب هذا الرأي، مع توجهات المؤتمر الوطني التاسع للحزب وقرارات هيآته التقريرية.
ويرى البعض أن نتائج الحزب في انتخابات 4 شتنبر تشكل هزيمة للخط السياسي، الذي انتهجته القيادة الحزبية، إذ انقلبت على المقررات السياسية للمؤتمر التاسع، وحولت الاتحاد من معارضة بناءة واقتراحية مؤثرة إلى ما “معارضة صدامية”.
وإذا كانت هذه الأصوات المعارضة اختارت التعبير عن معارضتها لتدبير القيادة الحالية، من داخل الحزب، ومن خلال التعبير عن رأيها في وسائل الإعلام، فإن اتحاديين آخرين، يئسوا من إمكانية التوافق مع القيادة الحالية، وتصحيح ما يسمونه الاختلالات السياسية والتنظيمية التي بات يعرفها الحزب، واختاروا فضاءات سياسية أخرى يعتبرونها أرحب لمواصلة النضال من أجل مبادئ المدرسة الاتحادية التي تربوا عليها.
ويتهم عدد من قيادات الحزب البديل الديمقراطي، الكاتب الأول للاتحاد بدفعهم إلى الانسحاب من الحزب، من خلال «التهجم على العديد من أعضاء الفريق النيابي، وعلى وزراء الاتحاد السابقين، منهم أحمد رضى الشامي، وعلى نواب اتحاديين، وعلى العديد من الرموز النقابية الاتحادية.
ورغم حجم هذه الانتقادات الموجهة إلى المكتب السياسي للاتحاد، فإن ادريس لشكر، الكاتب الأول لا يبدو منزعجا، أو قلقا من آثار الأصوات الغاضبة، أو المنسحبة، مادام الأمر يتعلق بالتأسيس للديمقراطية، ولحزب المؤسسات، لأن الأشخاص عابرون، والاتحاد هو حزب المستقبل، يقول الكاتب الأول للاتحاد.
عن الصباح
Get real time updates directly on you device, subscribe now.
المقال السابق