يعد الفيلم الأمريكي “سيارة الشرطة” للمخرج جون واتس، الذي يشارك هذه السنة في المسابقة الرسمية للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش في دورته الخامسة عشرة، رحلة شيقة مليئة بالمغامرة ومحفوفة بالمخاطر.
الفيلم الذي قدم صباح اليوم الأحد، كثالث عروض المسابقة، يقدم مادة مشوقة في صيغة لعبة أطفال لكنها لا تخلو من رسائل عميقة وحساسة في المجتمع الأمريكي، تتعلق بالعنف والفساد والتنشئة.
يحكي الفيلم قصة طفلين يتجولان بين الحقول بحثا عن اللهو و المغامرة، ثم يعثران بالصدفة على سيارة شرطة مهملة مركونة في زاوية بتلك القرية النائية.
يقودهم شغبهم الطفولي وفضولهم إلى فتح بابها وإدارة محركها ثم قيادتها للقيام بنزهة، وهو ما سيتسبب لهما في الكثير من المشاكل ويعرضهما أيضا للمخاطر.
اللعبة الطفولية الممتعة بالنسبة إليهما، ستشكل كابوسا للشرطي الفاسد كريزر الذي يعود لتلك القرية النائية بعد دفن جثة، على طريقة رجال العصابات، فلا يجد سيارته التي تحتوي على أدلة عديدة تدينه، فيصبح هاجس الشرطي كريزر الوحيد هو استعادة سيارته دون إبلاغ زملائه في الشرطة عن سرقتها.
تتوالى أحداث الفيلم في قالب فني مشوق نجح في مزج براءة طفلين مع خبث شرطي متورط في صراعات مع رجال عصابات.
الجانب الملفت في هذا العمل الفني هو حفاظه طوال سير الأحداث على قدر عال من التشويق، ولكن بعيدا عن مبالغات أفلام الحركة والجريمة المعتادة، حيث جعل محنة الطفلين تبدو أكثر صدقا وواقعية.
يشكل الطفلان المحور الرئيسي للفيلم وكلاهما قام بتشخيص دوره بشكل جيد ومقنع، بفضل تلقائية مثيرة مصدرها البساطة والثقة أمام الكاميرا . وفي المقابل، استعان المخرج بخبرة نجم كبير أدى دور الشرطي وهو الممثل كيفن باكون المتميز بموهبته الفذة وقدراته التمثيلية الكبيرة.
نجح مخرج الفيلم في تصوير مشاهد مشوقة ومؤثرة أحيانا كما استغل الفضاءات التي صور بها الفيلم خاصة الحقول والمزارع والطرق لخلق أجواء ملؤها الترقب والحذر.
إخراج جون واتس خلق إثارة مستمرة بإيقاع محكم خدم العمل بدل أن يكون مصدر ملل ، كما أن اهتمامه بالتفاصيل يبقي المشاهد مترقبا وماضيا في تخميناته، التي تتطور مع تطور الأحداث والشخصيات. ومن نقاط قوة الفيلم الأساسية أيضا هيمنة روح الطفولة عليه والمهارة في اختيار وإدارة الممثلين.
كوتر كريفي