في نهاية هذه الأمسية الانتخابية، خيم على مدينة الرباط طقس خريفي معتدل وبدت المدينة هادئة كعادتها باستثناء الأجواء في المقار الرئيسية لبعض الأحزاب السياسية التي تنافست في اقتراع سابع أكتوبر التشريعي. بين إرهاق وشك وخوف وتفاؤل، تحولت السهرة الانتخابية إلى ليلة طويلة وشاقة ومثيرة للأعصاب.
فبعد ساعة فقط من إغلاق مراكز الاقتراع، تحولت مقار الأحزاب التي دبت فيها الحركة طيلة اليوم، إلى ما يشبه خلايا نحل بكل صخبها.
تشكلت لجان لليقظة فيما تحلق القادة في مجموعات للتباحث وانتشر المناضلون في مختلف ردهات المقار الحزبية حيث تتناسل الأسئلة وسط رنين الهواتف الذي لا يتوقف. فوسط هذه الأجواء يرصد الحاضرون كل إشارة وكل تعليق وكل رد فعل في انتظار وصول أولى النتائج التي يأمل الجميع أن تحمل معها بشائر نصر.
وبين المعارضة والأغلبية التي انتهت ولايتها ، دارت هذا المساء حرب أعصاب كانت تشتد مع توالي وصول النتائج الأولية لثاني انتخابات تشريعية في ظل دستور 2011 والعاشرة منذ الاستقلال.
ففي تمام الساعة الثامنة والربع مساء بمقر حزب الاستقلال، الواقع بساحة باب الأحد بالرباط، بدأت أولى أفواج المناضلين تتوافد على القاعة المركزية في صمت يكاد يعكس الجو العام للحزب، رغم تطمينات ناطقه الرسمي عادل بنحمزة. وفي هذا الصدد، أعرب بنحمزة، في تصريح لوكالة المغرب العربي للأنباء عن تفاؤله للسير الايجابي الذي طبع عملية الاقتراع “رغم تسجيل بعض الخروقات المحدودة”، مؤكدا أن اقتراع 7 أكتوبر سيشكل لبنة جديدة في بناء المسار السياسي والديمقراطي للمغرب.
و على بعد أمتار، في حي الليمون، حيث مقر حزب العدالة والتنمية، بدت جنبات المقر غاصة، في وقت تكون فيه حركة السير بهذه المنطقة هادئة.
فداخل مقر الحزب، تجمع عدد هائل من الصحفيين، من مختلف وسائل الإعلام في انتظار قدوم رئيس الحكومة. وعند تمام الساعة التاسعة و53 دقيقة حل الأمين العام للحزب السيد عبد الإله ابن كيران، بطلعته البشوشة مترجلا لباسا تقليديا (دراعية). ورجح السيد عبد الإله ابن كيران في تصريح للصحافة أن “حزبه هو الذي سيتصدر نتائج الانتخابات التشريعية وبفارق كبير”، مضيفا أن “جميع المعطيات التي تتوفر عليها قيادة الحزب تشير إلى تقدم كبير لحزب العدالة والتنمية على الأحزاب الأخرى”.
وفي مقر حزب الأصالة والمعاصرة، حيث كانت عدد من قيادات الحزب في انتظار أمين عام حزب “الجرار”، قال هذا الأخير إن “الانتخابات مرت في جو من المصداقية والشفافية، كما أنه من الصعب إعطاء توقعات لحدود هذه الساعة”، مؤكدا أن هذه الانتخابات، ستسهم، بلا شك، في إنجاح المسيرة الديمقراطية للمملكة بمشاركة مختلف تعابيرها واتجاهاتها.
من جانبه، أكد أنيس بيرو، عضو المكتب السياسي لحزب التجمع الوطني للأحرار أن عملية الاقتراع مرت في أجواء هادئة دون حوادث تذكر، مضيفا أن حزب “الحمامة” على اتصال بمسؤولي الحزب لمتابعة النتائج عن كثب.
وفي مقر حزب الحركة الشعبية، سادت حالة من التفاؤل في صفوف أنصار حزب “السنبلة” وهم يترقبون نتائج الانتخابات، حيث قال محمد السرغيني، عضو المكتب السياسي لحزب الحركة الشعبية، أن النتائج الأولية التي استقاها الحزب إلى حد الآن تظل مطمئنة، آملا في أن يفوز الحزب بأصوات أكبر من تلك التي حصدها في الاستحقاقات الجماعية والجهوية لسنة 2015.
أما حزب التقدم والاشتراكية الذي يتواجد مقره أيضا بحي الرياض، فقد بدا قياديوه واثقين من نتائج الاقتراع ، كما جاء على لسان عضو مكتبه السياسي، السيد كريم التاج.
وقال التاج، أن الحزب يظل متفائلا على الرغم من ورود أنباء عن تسجيل خروقات شابت بعض الدوائر ، مشيرا إلى أن الحزب “الكتاب” يترقب النتائج النهائية بكل ثقة وهدوء لأن هذه الانتخابات ستشكل محطة مفصلية في المسيرة السياسية للحزب.
في نهاية هذه الأمسية، وبخلاف حي الليمون، بدت الأجواء هادئة بمقر حزب الوردة (الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية) بحي الرياض.
وفي مقر الحزب ، صرح السيد عبد الكرم بنعتيق، عضو المكتب التنفيذي للحزب، بأن الانتخابات مرت في جو من الشفافية ولايمكن إعطاء توقعات إلى حدود الساعة في انتظار ما ستفصح عنه النتائج الرسمية.
الليل شارف على الانتهاء، وبدأت حدة الترقب تقل شيئا فشيئا داخل مقار الأحزاب السياسية، التي دخل بعضها في فرحة عارمة وأخرى في استياء ودهشة بينما دخل البعض الآخر في تساؤل .
ففي تمام الساعة الواحدة والنصف بعد منتصف الليل، أعلن وزير الداخلية السيد محمد حصاد أن عملية فرز وإحصاء الاصوات برسم الدوائر المحلية، أسفرت، بعد فرز أكثر من 90 بالمائة من الاصوات، عن حصول حزب العدالة والتنمية على 99 مقعدا، فيما حصل حزب الاصالة والمعاصرة على 80 مقعدا.